ChildSeries

يعتبر الكذب من السلوكيات الاجتماعية غير السوية سواء أكان الكذب ناتجاً من الصغار أم الكبار، ويقلق الأهل عندما يلاحظون أن طفلهم بدأ يكذب، وتختلف ردة فعل الوالدين في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، فمنهم من يلجأ إلى العقاب والتهديد وتخويف الطفل بعاقبة الكذب في الدنيا والآخرة، والبعض الآخر يكون أكثر وعياً وتفهماً فيلجأ إلى أسلوب الحوار مع الطفل لمعرفة أسباب الكذب.

وهنا يجب أن يعرف الأهل أن للكذب أسباب كثيرة منها:

  • أن الطفل قد يلجأ إلى الكذب خوفاً من العقاب
  • قد يلجأ إلى الكذب بسبب غيرته من أحد أخوته أو زملائه
  • أغلب كذب الصغار ناتج عن محاكاة وتقليد لسلوك الكبار، فنجد أن الكثير من الآباء والأمهات يكذبون أمام الطفل لا شعورياً، كأن تطلب الأم من طفلها أن يبلغ جارتها أنها نائمة الآن ولا تستطيع محادثتها!
  • في بداية الطفولة المبكرة قد يكون الكذب ما هو إلا نوع من الخيال، ذلك لنمو القدرات العقلية لدى الطفل وهذا ما يعتبره العلماء نمواً طبيعياً يشير إلى نمو الذكاء لدى الطفل.
  • أحياناً قد يكذب بعض الصغار دفاعاً عن أنفسهم إذا وجدوا أن هناك ظلماً قد يقع عليهم من الكبار، فتبدأ آليات الدفاع عن النفس بالعمل، وهذا أيضاً من المؤشرات النفسية الصحية لنمو الطفل.

إذاً نلاحظ هنا أن بدايات الكذب لدى الطفل غير مقلقة على الإطلاق، وما يجب أن يقلق منه الأهل هو استمرار كذب الطفل حتى الطفولة المتأخرة أو بدايات المراهقة، فغالباً ما تكون بدايات الكذب عند الأطفال نوعاً من الخيال، فنجد أن الطفل يختلق أحداث لم تحصل، ويساعد اللعب الإيهامي أو الخيالي الطفل على خلق مواقف يتخيلها هو في عقله ثم يحكي عنها كأنها واقع، وعلى الأم أن تفرق ما بين الحقيقة وما بين الخيال بحدس الأم و معرفتها بطفلها، فليس كل حكايات الطفل التي يقصها تكون بدافع الكذب وعلينا التنبه لذلك فلا ننعت الطفل بصفة الكذب وهو لا يعرف أصلاً ماذا يعني الكذب. فكان لزاماً على الأهل التدرج في تعليم الطفل معنى الكذب وعواقبه وأنه سلوك يجب أن لا يفعله الصغار والكبار على حدٍ سواء.

ولتساعدي طفلك على أن يكون صادقاً دائما إليك بعض الأفكار:

  • تجنبي العقاب الجسدي واللفظي للطفل إذا اتضح لك أنه يكذب، فقد لا يكون دافعه الكذب.
  • عندما يبدأ طفلك بقص الحكايات والروايات عليك فأنصتي له جيداً، وأكثري من سؤاله حول ما يقصه عليك حتى تعرفي هل ما يقوله هو الواقع فعلاً أم لا؟
  • إذا كان ما يقوله مجرد خيال أو مبالغة منه فاجلسي معه واحكي له بدورك قصة تمزجين فيها ما بين الخيال والواقع لتوضحي له الفرق بين المفهومين وبذلك سيبدأ طفلك بالتفريق ما بين مفهوم الواقع ومفهوم الخيال.
  • أبتعدي تماماً عن تخويف طفلك بعاقبة الكذب كأن تقولي له من يكذب سوف يدخله الله النار، فمثل هذه الرسائل السلبية قد تجعل الطفل دائم الخوف وهذا ما لا يحبذه علماء النفس، ومن الأفضل أن تحببي الطفل في الصدق وأن الصادق يحبه الله ويدخله الجنة.
  • على الوالدين أن يكونا قدوة حسنة لأطفالهم فلا يكذبون أمامهم حتى ولو كان من باب المزاح، فالطفل الصغير لا يفرق ما بين الحقيقة والمزاح، وعلينا أن نقتدي برسولنا الكريم الذي ينهانا عن الكذب حتى ولو من باب المزح. فأولى بنا أن نعلم أطفالنا الصدق منذ نعومة أظافرهم ليشبوا أسوياء قادرين على التكيف الاجتماعي السوي، فالطفل الذي يتعلم الكذب على أنه مزاح يشعر فيما بعد أنه غير محبوب اجتماعياً مما يسبب له سوء تكيف مع الآخرين.
  • إذا كان طفلك يمارس سلوك الكذب لأي سبب من الأسباب فعليك بمعالجة الأمر وتعليمه الصدق عن طريق التحفيز والتشجيع، وإذا لزم الأمر استشيري مختص نفسي حول ذلك فما خاب من استشار، والأهم كما أسلفنا أن يرى أمامه قدوة صالحة وصادقة لا تكذب عليه، فمن الصعب أن تعودي طفلك على الصدق وهو يسمعك تكذبين عليه وعلى غيره، فمعالجة السلوكيات الخاطئة لدى الطفل وهو صغير أفضل وأسهل من معالجتها وهو كبير، فعلينا بمتابعة سلوك أطفالنا لتقويم ما أعوج منها وإصلاح ما يمكن إصلاحه.
  • تكثر أسئلة الأطفال في مرحلة الطفولة وبعض الأسئلة تكون محرجة للأهل مما يضطر البعض للكذب على صغارهم بهدف التهرب من الإجابة، ولكن علينا أن نتجنب الكذب على الصغار مهما كانت الأسباب ويجب أن نتعلم أساليب أخرى للرد على أسئلتهم كالرد بردود علمية بحتة، أو أن نؤجل الرد حتى نبحث عن الجواب الذي يتناسب مع عمره ونموه العقلي.

وكما ذكرنا آنفاً أن علماء النفس يرون أن الكذب مؤشر لذكاء الطفل وتطور التفكير لديه، إلا أنهم لا يختلفون بأنه سلوك شاذ وغير سوي ويجب معالجته منذ البداية. فاحرصي عزيزتي الأم على تفهم طبيعة المرحلة التي يمر بها طفلك وكيفية معالجة السلوكيات التي تبدأ بالظهور نتيجة التطور العقلي و النفسي والاجتماعي لدى صغيرك، ففي كل مرحلة ستلاحظين ظهور سلوكيات جديدة بسبب النمو السريع  للطفل، وما عليك سوى مراقبة هذه السلوكيات وتعزيز الجيد منها وتقويم ما يجب تقويمه.

أرحب بتواصلكم

فرح حسين

باحثة نفسية – مهتمة بشؤون المرأة و الطفل

sweettooha@hotmail.com 

0 Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You May Also Like