أصوات خليجية

من ضمن البرامج التي تم عرضها في مهرجان دبي السينمائي (7-14) ديسمبر/كانون الأول في سينما فوكس في مول الإمارات، كان هناك برنامج أصوات خليجية، حيث شاركت فيه خمسة أفلام قصيرة من الدول الخليجية، وكانت تمثّل كلّ من الكويت والبحرين والسعودية وعُمان، والأفلام هي كالتالي:

فيلم "نقصة" للمخرجين العُمانيين شبيب الحبسي ومحمد الحارثي، الذي قام بالتأليف والتصوير أيضاً. يحكي الفيلم قصة حارس القلعة الذي يغلق الأبواب بعد انتهاء موعد الزيارات، يسمع أصوات تكسير في القمة، يذهب للكشف عن المصدر، يدخل الغرفة الأولى فيبدأ في تذكر والدته، التي تنازعه، ينتقل إلى المجلس والأب ينازعه أيضاً، في غرفة أخرى تجبره أمه على الزواج من ابنة عمه، ويجري الحارس راغبا في الانتحار من أعلى السور، لكنه يواجه المجتمع من أسفل القلعة، ويذكروه بالتقاليد، يعود الى "النقصه" (عباره عن عمود وسط الغرفة يدور حوله) الذي يناقش العادات المتحكمة بالأبناء والتي تميل نحو التسلّط، عرض للمرة الأولى في مهرجان دبي السينمائي.

أما الفيلم الثاني فهو من إخراج وتأليف البحريني محمد جاسم بأسم "سلاح الأجيال" الذي يدور حول حالة التغيير المتسارع التي تشهدها منطقة الخليج. رجل جالس على مقعد في الصحراء، يشاهد كيف ينشأ العالم من حوله ويتطوّر، الصحاري تتحول إلى مراعٍ خضراء فسيحة، ثم تنهض مكانها مبانٍ عصرية سامقة. يشاهد الرجل هذه التحولات إلى أن تنشب حروب عالمية تأتي على كل التطورات، حتى يختفي كل شيء ويرجع العالم إلى الصحراء. وهو الفلم الحائز على الجائزة الثانية في مسابقة الأفلام القصيرة في مهرجان الخليج السينمائي.

الفيلم الثالث من إخراج وتأليف العماني عامر الرواس بأسم "بهارات" أربعة مواقف لأربع شخصيات، امرأة عاقر تبحث عن علاج، ورجل يبلغ من العمر 90 عاماً ينتظر شيئاً ما ليحدث، وطفلة تستعد لتغيير لابد منه، ومدوّن. والفيلم حائز على جائزة تقدير في مهرجان الخليج السينمائي.

والفيلم الرابع من إخراج وتأليف السعودي عبدالله آل عياف بأسم "ست عيون عمياء". يدور حول طبيب نفسي يشرف على حالة مرضية غريبة، يزور الشاب "منصور" مكتب الدكتور النفسي "عارف" ليحدثه عن مشكلة تقلب وتغيّر حياته رأساً على عقب.  يتبعه حوار مثير بينهما في إطار فلسفي طريف.

أما الفيلم الخامس فقد تم عرضه للمرة الأولى في مهرجان دبي السينمائي، فيلم "أتمنى لو كنا راقصين" من إخراج وتأليف الكويتي محمد وليد عياد الذي عمل مونتيراً في محطة "الوطن" الإخبارية، ومهندس صوت في عدة أفلام قصيرة. هذا الفيلم هو تجربته الإخراجية الأولى، قام عبدالله عوض بالتصوير، نفذ روبرت جيرموسا جيمينز المونتاج، والموسيقى من قِبَل ميتريك، وقام بدور البطولة كل من مساعد خالد وإيما شاه.

يدور هذا الفيلم حول فتاة طرية العود، مصابة بمرض تصلّب الأنسجة المتعدد أو التصلّب اللويحي، مقيدة إلى كرسيها المتحرك، لكنها تبحر في عالم أحلامها الملونة التي تنضح بالحياة، تكون هذه الفتاة في أحلامها راقصة باليه، كل شيء في جسمها يتحرك مع رقصها في الخيال، على عكس حالتها ومرضها الحقيقي، الذي يؤثّر على كل جسمها، وهذا النوع من المرض لا شفاء منه، وهو باختصار، بحسب الموسوعة الحرة "ويكيبيديا"، والدكتور عبد الحفيظ خوجة في مقابلة له في صحيفة الشرق الأوسط: "هو مرض مزمن يؤثّر على جهاز عصبي مركزي "النظام العصبي المركزي" ويمكن له أن يتسبّب بالعديد من الأعراض، من ضمنها تغيّر في الإحساس، مشاكل بصرية، ضعف عضلات، كآبة، صعوبات بالتنسيق والخطاب، إعياء حادّ، ضعف إدراكي، مشاكل بالتوازن، ارتفاع درجة الحرارة صحبه ألم. ويسبب تصلّب الأنسجة المتعدّد أيضاً ضعف في قابلية حركة وعجز في الحالات الأكثر حدة، ويؤثّر تصلّب الأنسجة المتعدّد بشكل مبدئي على البالغين، وأكثر شيوعاً عند النساء، كما لوحـظ من الناحية الجغرافية، أن نسبة الإصـابة بالمرض تزداد كلما ابتعدنا عن خط الاستواء، بمعنى أنه يكون في المناطق الباردة أكثر من الحارة، ولكن هناك حالات إصابة بدرجات متفاوتة في المنطقة العربية". ومن الجدير بالذكر أن أكثر من 70 دولة في العالم، ومن بينها العديد من الدول العربية، احتفلت للسنة الثالثة باليوم العالمي لهذا المرض في 25 مايو/أيار 2011، وذلك للعمل على زيادة التوعية، وكذلك زيادة الخدمات المقدمة للمصابين بهذا المرض ومساعدتهم.

رسالة إنسانية

لاشكّ أنّ هذا الفيلم يعدّ الأول على مستوى العالم العربي في تناول مرض تصّلب الأنسجة المتعدّد، لكن سبق وأن تمّ تناوله في أفلام وروايات ومسلسلات اخرى مثل فيلم "دويت فور ون" (Duet for one) في عام  1986 للمخرج الروسي أندري كونجالوفسكي وللكاتب توم كيمبينسكي، وكان مبنياً على مسرحية للكاتب نفسه نالت جائزة بريطانية، ويدور الفيلم حول عازفة كمان شهيرة في العالم اسمها ستيفاني أنديرسون التي تصاب فجأة بمرض تصلب الأنسجة المتعدّد، تعاني من الاكتئاب، وتعاني من حالات انهيار عصبي بسبب المرض، كما تحاول الإقدام على الانتحار، لكن خادمتها تنقذها، وتقتنع بحتمية استمرار الحياة مع المرض، والفيلم نفسه مبنيّ على قصة حياة عازفة التشيلو البريطانية الشهيرة جاكلين دو بري (1945-1987) التي أصيبت بالمرض نفسه، كما ان هناك فيلم آخر عن حياتها بأسم "هيلاري وجاكي" مبني على مذكرات أخت العازفة، حيث تتناول حياتها من وجهة نظر مختلفة، وكذلك تم تناول موضوع المرض في المسلسل الأمريكي "ذا ويست وينغ" الذي يدور حول حياة رئيس خيالي للولايات المتحدة يعاني من المرض، فهناك محاولات عديدة لعرض حياة المصابين بهذا المرض في الأفلام.

إن فيلم "أتمنى لو كنا راقصين" يحمل في طياته الكثير من الأبعاد الإنسانية، فرغم أن مدته تسع دقائق إلا أنه يحرّك لدى المشاهد الكثير من المشاعر الإنسانية، وهي كافية بأن يتأمل الإنسان الحالة المرضية لهؤلاء الأشخاص المصابين بهذا النوع من المرض الذي لا شفاء منه، كما أنه يدفع بالمشاهد إلى الاهتمام أكثر بالمصابين بالمرض أو أمراض أخرى خطيرة، وهو كذلك يدفع إلى التشجيع على العمل الخيري في الدول العربية، وبخاصة الخليج العربي، الذي يشهد الكثير من الجمعيات الخيرية، ولقد أسهمت هذه الجمعيات في معالجة العديد من الحالات المرضية ذات التكاليف الباهظة.

– عبدالله ميزر

0 Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You May Also Like