في أجواء فنية تعبق برائحة الإبداع، وبحضور لفيف من عشاق الفن المسرحي؛ افتتح عرض مسرحية "يد على يد" الذي قدمته فرقة مسرح الصواري في منتصف شهر أكتوبر 2011م على خشبة الصالة الثقافية في العاصمة البحرينية المنامة، ليستمر عرضها على امتداد ثلاث أمسيات حافلة بحضور نخبة من الفنانين، والإعلاميين، إلى جانب عامة الذواقة من هواة متابعة هذا الفن الأصيل

في الثّامنة تماما رفع الستار عن المسرحية التي ناقشت قضية تفسخ العلاقات المجتمعية وتحلل صلات القرابة في عصرنا المترع بالماديات، من خلال حكاية رجل يحاول الانتحار في بيته بمفرده بسبب شعوره الداخلي بالوحدة، وفقر الحب الشديد في حياته الجليدية، فيكتشف جاره – الذي يقيم بمفرده هو الآخر ويتجسس عليه خلسة- محاولة انتحاره، ومن ثم ينقذه ويستدعي الطبيب لأجله، قبل أن يتصل بشقيقه الأكبر، وزوجته التي هجرها منذ فترة. تبدو الزوجة الشابة لا مبالية بما حدث لزوجها، تحلّق في ملكوت عالم آخر بعيد عن معاناته بانشغالها إما بالقهقهة عبر هاتفها المحمول، أو برد أظافرها، أو ضبط توزيع مساحيق التجميل على وجهها. أما شقيقه فيتهمه بتضييع وقت الجميع بادعاء الانتحار كما في مرات أخرى سابقة، وهنا يتردد صوته صريحا في أرجاء المسرح:

"إن كنت تنوي الموت بصدق؛ لماذا لم تمت إذن ولا مرة؟"

كما يتهم والديه المتوفّيان بتدليل أخيه في الطفولة حتى صار يستجدي اهتمام ما تبقى من أهله بعد أن كبر، ويسأل الطبيب عن سر إنقاذه؛ الذي يعتبره غير مبرر، له، نافيا مسؤوليته الطبية في هذا المقام، ورافضا تدفق المسؤوليات – التي يراها غير مبررة أيضا- في عصرنا الحاضر من جميع الجهات بقوله

"ما أكثر المسؤوليات هذه الأيام!! مسؤولية المدرسة.. مسؤولية العمل.. مسؤولية الطبيب.. مسؤولية صلة القرابة.. مسؤولية الجوار.. مسؤولية الزقوم!"

مسرحية "يد على يد" من تمثيل الفنانين: محمد عبد الله- عيسى الصنديد- لمياء الشويخ- عمر السعيدي- محمد الصنديد. ديكور:علي حسين الميرزا. إضاءة: علي حسين الميرزا ويوسف فريدون. مساعد المخرج: يوسف فريدون. المتابعة العامة: إسحاق عبد الله. وأخيرا ليس آخرا من إخراج صاحب البصمة المسرحية العميقة الفنان: عبد الله السعداوي، والذي أفصح عن زاوية من رؤيته لمضمون المسرحية بقوله

"تشعر الآن أن ثمة فجوة كبيرة تتزايد بينك وبين الزمن. فزمننا يشبع الشهوات؛ بل يتفنن في إشباعها، لكنه يعجز عن تقديم الحب. يبدو أن شخصية الأخ الأصغر تمتلك حساسية وعدم تقبل لزمننا، فلم تعد العلاقات بين الناس علاقة إنسانية. بل هي استهلاك كما لو أن الإنسان ينظر للآخر كسلعة للاستهلاك. قرر أن يعيش الوحدة. فالواقع يدفع الحياة إلى الفراغ الوجودي تكون فيه روحك ميتة. يتركك في وحدة وعزلة تشعُر بأن الحياة رهيبة، ليس بإمكانك تحملها، فتولد لديك رغبة قوية لتدمير الذات. الفردية والعزلة وانعدام الحب هي ما يميز زمننا البراق من الخارج. ولا خلاص للإنسان إلا بالحب"

 زينب علي البحراني –

‏zainabahrani@gmail.com

0 Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You May Also Like