السيد، فنان شارع تونسي، أعماله مزيج رائع بين الخط العربي ورسومات الشارع، الأمر الذي فجر ثورة كبيرة في مجال فن الشارع، وعلى الرغم من أن فن الشارع كان ولا يزال موضوعا سيء السمعة ومثيرا للجدل؛ إلا أن (السيد) كافح من أجل توطيد هذا الشكل من أشكال الفن في الصناعة، و إن كان لا يحب تدوين اسمه على الجدران وإنما يفضل إبراز عمله بدلا من اسمه.

التقت مجلة خليجسك بهذا الفنان الصاعد لتتعرف على المزيد حول مشاركاته في مختلف البرامج الثقافية ذات التأثير – بما في ذلك الكتاب المعنون بـ"الخط العربي ومهرجان الشارقة الإسلامي- ومناقشة الأفكار التي تحفز أعماله.

أخبرنا عن نفسك وعن تعليمك                                                            

كان تعليمي الرسمي في مجال الأعمال، ومعظم أعمالي الفنية هي من قبيل الهواية، واشتغلت وأنا في مطلع الشباب برسوم الجدران في كل من فرنسا وتونس، ولكن لم أكن أقصد يوما أن يتحول ذلك إلى شكل من أشكال الفن، وحينما وصلت إلى شمال أمريكا في عام 2006 بدأت العمل على زيادة اشتراكي في مجال فن الشارع، وعقب مقابلة الفنان هيست الأول، توارد لي الإلهام لأدمج الرسم على الجدران مع حبي للخط العربي، وبدأت في تطوير شكل أردت استكشافه بصورة أكبر، وخلال هذه الفترة قررت التركيز بالكامل على إدارة حياتي المهنية لأكون فنانا.

كيف كانت تجربتك في مهرجان الشارقة الإسلامي؟

يحدث المهرجان مرة واحدة في العام، وفي الأساس تكون مدته شهرا واحدا يعج بالمعارض والفنون والمؤتمرات وورش العمل، وكانت خبرة وتجربة مكثفة، وقد غادرت مونتريال رغبة في دفع حدودي الفنية إلى أقصاها، وأردت حضور المهرجان، وتحقق هذا عندما تلقيت دعوة إلى ذلك الحدث الرائع، وكانت لدي رؤية لدمج عدة أشكال فنية مختلفة في قطعة فنية واحدة مثل النحت والخط والرسم على الجدران.

عملت طيلة 4 أيام على الحفر الجداري مع شريكي جي بي ديسجاردينز والذي قام بتوثيق العملية كاملة، وعلى الرغم من كونه توثيقا بسيطا إلا أن الهدف من وراء هذا الفيلم المصور كان عرض العملية خطوة تلو الأخرى، وبدأت إدراك أهمية مشاركة خبرات وتجارب وطرق وأعمال الشخص مع جمهور أكبر.

كيف يتضافر التراث والحداثة معا في أعمالك؟

التراث كلمة لها الكثير من التفسيرات والتأويلات وتحمل المعاني السلبية والإيجابية وذلك استنادا على الاستخدام، النثر المستخدم في الحوار الجماهيري في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية يفهم التراث على أنه عكس الحداثة، وخلال أعمالي أحاول جاهدا على إحداث نظرة جديدة في هذا الفصل الكاذب بين المصطلحين، فقط من خلال استخدام أشكال الرسوم الجدارية الحديثة لتلوين الخطوط التقليدية، وهذا مفهوم في غاية البساطة ولكن أعتقد أنه يوصل الرسالة بصورة مثالية.

إن تشريق فن الخط هو جزء من النموذج الأكبر والذي أوضحه إدوارد سعيد بصورة مثالية، وبدلا من النظر إلى الخط العربي على أنه شكل غريب من أشكال الفن فقد حاولت أن أظهر للناس أن الخط هو أيضا غربي ومتساوق من خلال استخدامه في الرسوم الجدارية، وبعبارة أخرى أشجع الناس من خلفيات ثقافية مختلفة على الارتباط بصورة شخصية بفن الخط من خلال استخدام وسيلة متوائمة مع الجميع في الغرب وهي الرسوم الجدارية.

 حدثني عن بعض ردود الأفعال الأكثر دهشة والتي حصلت عليها بسبب أعمالك

كنت ومازلت مندهشا بسبب حماسة الناس الذي تعرض عليهم أعمالي، وأحمد الله على أن ما أحب القيام به قد وجد مكانا في قلوب الناس، وأشعر بالدهشة كل يوم بسبب ردود الأفعال التشجيعية والداعمة لأعمالي.

وعلى الرغم من ذلك، فقد كانت هناك ردود أفعال صادمة وربما دخلت إلى عالم الرسوم الجدارية والخط بتوقعات كبيرة حول المجتمع. وعلى الجانب الآخر، أظهرت لي بعض ردود الأفعال من الفنانين الآخرين الجانب التنافسي الشرس في عالم الفن.

تأملا في جميع الأعمال التي أنجزتها، أي من القطع الفنية أو التعاون تشعرك بالفخر؟

أعتقد أن القطعة التي أشعر تجاهها بالفخر هي تلك القطعة التي رسمتها في مدينتي ـ تيبولبو ـ في جنوب تونس، وكانت عبارة عن ورشة مدتها يومين مع 30 شابا تتراوح أعمارهم ما بين 5 إلى 17 عاما، وكانت عملية إعداد هذه القطعة الفنية هي مصدر الفخر تجاه هذه القطعة تحديدا، وبالطبع حقيقة قدرتي على الإسهام في ثقافة مجتمعي.

وكانت العملية تجربة تعليمية رائعة بالنسبة لي، حيث فتحت عيني على نواح مختلفة وذكرتني بالقوة المؤثرة التي قد يمارسها الفن على الناس، وبعد عامين مازال الأطفال يتحدثون عن تجربتهم مع مدير نادي الشباب.

وكيف تسنى لك الاشتراك في كتاب "الرسوم الجدارية العربية"؟

بداية، تواصل معي مدير مؤسسة "من هنا إلى الشهرة" السيد دون كارل أكا ستون، وطلب مني إرسال صور لبعض أعمالي مع بعض النصوص التي تشرح النظرية والفلسفة الفنية، وقد انتهيت من كتابة نص حول الرسوم الجدارية العربية كمسعى إلى الهوية، ونص آخر حول التراث المثالي والذي كان يصف أعمالي على مدى الأعوام القليلة الماضية، وقد تشرفت كثيرا بتصميم الخط المرسوم على غلاف الكتاب.

وما القوى الثقافية الأخرى التي تركز عليها من أجل إلهامك الفني؟

لا يسعني القول بأن هناك أمرا واحدا فقط يمثل مصدر إلهام لي، حيث يميل بصورة عامة إلى أن يكون مستوحى من حديث محتد مع صديق أو حوار مع زوجتي، أو الأحداث الجارية، أو الحوارات والكتب، وكذلك يلهمني الفنانون الآخرون، وعلى الرغم من أن ذلك أمر ممنوع في العديد من الدوائر الفنية إلا أنني أعتقد أنه في غاية الأهمية وكذلك التعبير عن الثقة في الفنانين الذين تلهمني أعمالهم، ولنتذكر معا ما قاله جين لوك جودارد: "لا يتعلق الأمر بالمكان الذي نأخذ منه الأشياء بل بالمكان الذي نأخذها منها والمكان الذي ننقلها إليه".

 وفي الأساس، أستلهم كلما تسنى لي، وتعلمت أن الإلهام لن يأتي طالما بحثنا عنه، بل هو من سيعثر عليك!

وما النصائح التي تلهم بها فناني الشارع في الشرق الأوسط؟

شعرت بالدهشة والإحباط حينما توجهت إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ورأيت الشباب يستخدمون ألقاب رسوم جدارية إنجليزية أو حتى غربية، والشيء المثير للاهتمام هو أن الفنانين أنفسهم يشعرون بالدهشة لرؤيتي باعتباري فنانا عربيا مسلما ولدت وتربيت في الغرب وأرسم باللغة العربية!

 أوجه نصيحة للجميع بأن يكونوا أنفسهم والاستفادة من القصص لتعلم الفن، ويجب أن يوطد الجميع صلتهم بالأصول، وكل دولة عربية لها تاريخها العميق والثري وكذلك موضوعات وقضايا اجتماعية عصرية يجب التعامل معها، وسيكون من المشين تجاهل كل هذا.

في الوقت الحالي في الشرق الأوسط عند التحدث إلى الشباب حول فن الخط؛ يقول الكثير منهم إنه مدرسة فنية قديمة للتعلق بالقدامى، ومن خلال الرسوم الجدارية أشعر بأنني أنقل التراث الثقافي والعادات الحضارية في حقيقتي العصرية مع الاحتفاظ بالتراث.

+عزيز

0 Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You May Also Like