يختزل هذا المتحف حضارة عقوداً من تاريخ دولة الكويت وتتمثل فيه كل النشاطات والصناعات والحرف التي كانت متداوله في القدم، وكذلك الأواني والمواد المستخدمة في ذلك الوقت والتي قد يرجع تاريخها الى اكثر من 100 عام، وقد افتتح الشيخ عبدالله الجابر الصباح هذا المتحف في سنة 1957م وذلك بقصره في منطقة الشرق، وفي عام 1959 نقلت محتويات المتحف الى احدى البيوت القديمة التي اعطت للمتحف بعداً اخر من حيث المكان وعراقة محتواه، كما أن زيارة واحدة لمتحف الكويت الوطني تغنيك عناء تكبد مشاق التجوال على الآثار التاريخية المنتشرة هنا وهناك في أرجاء الكويت العاصمة، فهو بلا شك صورة مصغرة من عالم الأمس، وتجسيد حي لما كانت عليه الحياة في السابق، وهو خير مثال للبيئة الكويتية بما احتوته من مظاهر اجتماعية ومعيشية كانت سائدة في وقت من الأوقات، هذا إضافة لكونه حافظاً لعادات وتقاليد وتراث أهل الكويت، وراوياً للتاريخ الكويتي القديم، فهو يضم صالات لعرض التحف والآثار الإسلامية النادرة التي تعود بجذوها إلى القرون الأولى من العهد الإسلامي، وأخرى لعرض كل ما يخص المواضيع التراثية والفنون الشعبية التي تخص أهل الكويت، هذا إضافة إلى قبة فلكية كروية الشكل تمثل الكرة الأرضية، وتحتوي على معلومات وافرة للباحثين عن علم الفلك والمجرات، وأخيراً مجسم لسفينة شراعية حقيقية كانت تستخدم في رحلات الغوص تسمى «بوم المهلب».
من الأقسام الأخرى التي احتواها المتحف هناك نموذج للقرية التراثية بأحيائها السكنية التقليدية، وبأسواقها ومقاهيها الشعبية التي تحمل أسماء حرفة مرتاديها، و «فرجانها» التي تعكس طابع الحياة الحميمية التي كانت تسود في السابق، فعند الدخول إلى المتحف وأمام مكتب الاستقبال تطالعك لوحة كبيرة موضوعة على الجدار تبين موقع ساحة سوق الصفاة القديم، والتي كان لها دور كبير في التبادل التجاري بين سكان البادية وتجار المدينة، وظلت هذه الساحة هي عصب الحياة التجارية في تلك الفترة من الزمن، وذلك قبل الشروع في بناء الأسواق الجديدة التي تضم دكاكين منفصلة في أماكن منفصلة من البلاد.
كما أن المتحف ينقسم الى عدة اقسام وهي بالتحديد سبعة اقسام، القسم الأول يعنى بالآثار القديمة وهي تتمتزج مع آثار اخرى لحضارات اخرى من خلال العلاقات السياسية والاقتصادية في قرون ماقبل الميلاد مع بلاد السند والهند وبلاد مابين النهرين، فتجد الاواني الفخارية القديمة والبناء الحجري والطيني المزخرف وكذلك الفخار المطلي بالالوان والمرسوم باشكال هندسية رائعة المنظر، أما القسم الاخر فهو قسم الحياة البحرية ونحن نعلم ما كان للكويت من مكانه في عالم البحر والصيد سواء كان صيد السمك او الحياة المدنية ويعنى اللؤلؤ الذي طالما اشتهرت به فنجد السفن القديمة وادوات الصيد التي ترجع الى حقب صارمه، القسم الثالث هو قسم الحياة المدنية وهو يعنى بعرض الحلي والاثاث والاواني الزجاجية، اما القسم الرابع فهو الحياة البدوية فيهتم بكل الادوات التي كان يستخدمها البدو، والقسم الخامس هو معرض الفنون النشكيلة وهو الزاخر بكل ما تناولته الحركة الفنية منذ بدايتها، والقسم السادس فهو القبة السماوية وهي قبتين اساسيتين الاولى معرض لبعض الادوات والاجهزة القديمة والاخرى تعنى بالفلك والنجوم ورؤية الكواكب الاخرى، اما القسم السابع والاخير فهو مجموعة الصباح في دار الآثار الإسلامية وهي تحتوي على العديد من التراثيات القديمة كأسطرلاب قديم من العراق مصبوب من البرونز، كذلك يوجد بها شمعدان بالغ في الروعة من البرونز ايضأ، وزمردة من عهد الهند القديم، كما انك عند التجوال والبحث في معالم القرية التراثية لابد أن تجد ما يعكس السوق القديم في مطلع العشرينيات، حيث أنشئت شبكة متكاملة من المتاجر متصلة بعضها ببعض، وقسمت كل مجموعة إلى دكاكين على حسب نشاطها، وسُقفت هذه الأسواق لحماية مرتاديها من الظروف الجوية القاسية في الصيف والشتاء، ولو تحدثنا قليلاً عن بعض البيوت القديمة الموجودة داخل المتحف لأخترنا بيت البدر.
بني بيت البدر من الطين والصخر الحجري، ورفع سقفه بالأعمدة الخشبية والقضبان الرفيعة وسعف النخيل، وطليت جدرانه بالجص، يقع في منطقة القبلة وتبلغ مساحته 2825متراً مربعاً/ وقد اتخذته إدارة الآثار والمتاحف رمزاً للتراث المعماري الكويتي القديم، وتقع على شارع الخليج العربي، كذلك بيت السدو فهو معلم تراثي أصيل يجتهد في الحفاظ على الصناعات الكويتية اليدوية التقليدية كنسيج وحياكة الصوف وصناعة الخيم وبيوت الشعر.
وقد المتحف كان مقصداً ولازال للزوار من دولة الكويت ومن خارجه إذ انه لا يحتوي على التراث الخليجي فقط بل يجمع التراث الخليجي المتقارب وصلاته ببلاد الهند والسند وبلاد العراق وكذلك مصر في فترات متفاوته، مما يجعله إرث قومي زاخر بذاكرة قوية للماضي تعيد الينا الحنين لتلك البدايات ولأطفالنا الفخر بحضارة عبرت العصور حتى وصلت بنا الى مانحن عليه اليوم من تقدم وتطورعلى جميع الأصعدة.
– احلام معوضه القحطاني
تصوير بدر الياسين
