"أليس في بلاد العجائب" قصة للأطفال كتبها الكاتب وعالم الرياضيات الإنجليزي لويس كارول في 1865 حيث دأب على كتابة روايات للأطفال، وكان عادةً ما يهتم بالفتيات الصغار ويروي لهم الروايات التي يرتجلها، وبالصدفة أتت فكرة أليس على اسم صغرى الفتيات اللاتي يهتم بهن فقرر أن يكتبها كي لا ينساها وهي تحكي عن فتاة اسمها أليس سقطت في جحر أرنب لتنتقل إلى عالم خيالي. ولم يكن يعلم انها ستترجم لأكثر من 71 لغة حول العالم وتتصدر الكتب الأكثر مبيعاً منذ نشرها وعلى مدى أربع عقود.
من منا لم يعرف آليس التي عشقناها في طفولتنا واخذتنا معها الى عالم العجائب حيث شاركناها في مغامراتها التي اخذت حيزاً كبيراً في مخيلتنا الطفولية البريئة وحلقنا معاً في سماء الخيال المطلق..! تلك القصص التي لعبت دوراً كبيراً في تشكيل عقولنا ووجداننا وصنع عالمنا الخاص فقد تابعناها بكل شوق وإثاره ودخلنا معها عالمها الذي تعرفنا من خلاله على كائنات اسطوريه وحيوانات ناطقه غريبة وعجيبة الشكل والاطوار الى ان اصبحو جزءاً من مخيلتنا وطفولتنا، ففضولها دفعها للجرى وراء "أرنبٍ أبيض" بعد دخوله فى حفرته ونزوله داخلها. وهناك، وجدت "أليس" نفسها فى عالمٍ غريب و"غير معقول"، ويُشبه إلى حدٍّ كبير عالم الأحلام، إلاّ أنّها ربّما لم تكن "أحلاماً" ولأننا كنا فضوليين مثلها فإن قصص المغامرات والبحث عن واقعنا الذاتي فى خضمّ واقعٍ عقلىٍّ مُطبقٍ ومُهيمن. ربّما تحلّى بعضُنا عبر تاريخِنا البشرى بما يكفى من الجُرأة وحبِّ المُغامرة، فواصل النّزول داخل "حُفرة الأرنب" بحثاً عن موقعِه من الحقيقة، ثمّ عاد بعد ذلك نحو أرض الواقع العقلى وهو أكثر فاعليّة. وربّما خاف بعضُنا الآخر فآثر العودة من حيث أتى، ليحتمى بظلّ الحكمة المألوفة " ابعد عن الشر وغني له".
ومن قصة "اليس في بلاد العجائب" نحلق سماءاً مع فيلم “بلاد العجائب” قصة واقعية للمخرجة الشابة الكويتية المبدعة دانة المعجل الحائز على ٥ جوائز. هذا الفيلم القصير (38 دقيقة هي مدة عرضه) يحكي في أجواء من الخيال “فانتازيا” شديدة الواقعية وهذا هو أولى تجاربها السينمائية استقت فكرة الفيلم عن رواية «أليس في بلاد العجائب» بيد أن المخرجة منحت الفيلم روحاً كويتية، تدور أحداثه في الكويت، بأسلوب واقعي فانتازي لشباب الكويت اليوم، ويسلط الضوء على التشابه في الوضع الاجتماعي والسياسي بين احداث الرواية الاصلية والواقع الكويتي بشكل خيالي، وهي محاولة جيدة منها لعرض فكرتها عن أوجه تقارب الثقافات في المجتمعات الإنسانية.
وقد نجحت المعجل في توصيل فكرتها للمشاهد الواعي الفاهم المغزى من عرض الفيلم الذي يعتبر ضد السلطة والروتين وتعرّف عن قرب على الوضع في الكويت والفروقات الاجتماعية والسياسية الموجودة حيث تطالب المعجل بالتغيير للافضل ليعيش البشر براحة ودون تفرقة اجتماعية للمحافظة على بلادهم. وقد حصلت دانة المعجل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة وعلى جائزة افضل مخرجة عن هذا الفيلم في مهرجان الخليج السينمائي 2012، والنجاح الذي حققته المعجل بهذا الفيلم مبهر فهي أول مخرجة كويتية تفوز في مهرجان دولي، وسجلت لها بهذا الفوز اسماً يسطع في سجل الكويت الفني الإعلامي.
فالمخرجة الكويتية دانة المعجل تتميز بطموحها الهادئ البعيد عن الضجيج الإعلامي، فهي هادئة الطباع وعطائها مكنون في ورؤيتها المختلفة لتفاصيل الحياة من منظورها الخاص بها، وعلى الرغم من صغر سنها فهي حاصلة على درجة الماجستير في الفنون الجميلة، تخصص سينما وفيديو من معهد كاليفورنيا للفنون، تخرجت حديثاً من الجامعة وهي تعمل بصمت لكي تنجز عملها ورؤيتها بعيداً كل أضواء الشهرة والانتشار.
خُلق هذا الفيلم بسبب العراقيل التي واجهته، فهو يروي قصة يومية معاشة تتلون فيها جميع الاحباطات، ويتناول حكاية فتاة تحاور والدتها بأسئلة عنيدة ولا تتوانى عن طرح الاسئلة الرافضة لقلق الام، ولا ترتدع الابنة او تخضع لنمط تفكير والدتها. ثم تخوض عوالم خيالية وألعاباً مدهشة، فتقابل شخصيات غريبة كالأرنب، الجوكر، مساعد ومسعد، الملكة. فنرى البعض يحاول مساعدتها فيما يحاول البعض الآخر اعاقتها، الفيلم برؤية المخرجة يحاكي رواية "أليس في بلاد العجائب" الشهيرة دون استنساخها، وهي بذلك تراهن على مدى استيعاب المشاهد وفهمه للأحداث.
وقد وصف الفيلم السينمائي القصير «بلاد العجائب» للمخرجة الكويتية الواعدة دانه المعجل بأنه فيلم سينمائي ناضج فنياً وفكرياً يحكي بلغة سينمائية جميلة، وبطرح جريء ولكن محترم، مترافقاً مع اسلوب غير تقليدي في الأداء التمثيلي. ولكن الاسلوب الفني وطريقة التناول خففت كثيراً من تلك الجرأة وتجاوزتها المخرجة دانة المعجل بذكاء، وكان من الافلام الجميلة التي تم عرضها في مهرجان الخليج السينمائي الخامس.
وتبقى نهاية الفيلم مفتوحة، ولأننا لسنا أمام حلم كما في " أليس في بلاد العجائب" للويس كارول ينتهي باستيقاظ البطلة منه، بل أمام واقع "أليس" أخرى حقيقية كويتية.
– شيخة احمد