إحدى المذيعات الشابات الأكثر شعبيّة، والتي تبوأت موقعاً مرموقاً في التلفزيون البحرينيّ بمحض الصدفة، هي نور الشيخ، التي كانت مهتمّة بعالم الأزياء أكثر من عالم الإعلام. ولم يكن في حسبانها أنّ هذا التحوّل الطفيف سيمهّد لها الطريق نحو استديوهات التلفزيون ويغيّر مسارها المهنيّ. اجتمعنا بنور وناقشناها حول كيفيّة دخولها عالم التلفزيون، والعوائق التي واجهتها، بالإضافة إلى طموحاتها المهنيّة، وتطلّعاتها المستقبليّة.
هل كنت دائماً مهتمّة بالإعلام؟
كلّنا نتفاعل مع الإعلام بطريقة أو بأخرى بشكل طبيعيّ، سواء كانت وسائل إعلام ورقيّة أو مرئيّة أو مسموعة، وبالطبع وسائل التواصل الاجتماعيّ الحديثة. كنت ولازلت قارئة نهمة للمجلات وأستمتع بمشاهدة التلفاز. لكن للإجابة عن سؤالك، في الحقيقة، لم أتصوّر نفسي "جزءاً" من الإعلام على الإطلاق.
هل كنت تخطّطين أن تكوني مقدّمة برامج تلفزيونيّة؟
لم أطمح أن أكون مقدّمة برامج تلفزيونيّة على الإطلاق، فذلك لم يكن من ضمن حساباتي المستقبليّة، لكنّ حدث ذلك على نحو مفاجئ. فدراستي الجامعيّة هي التسويق الدوليّ في الأزياء، وكنت قد عدت لتويّ إلى البحرين وبدأت بمشروعي التجاريّ الخاصّ وهو متجر للأزياء الكلاسيكية في البحرين، كنت أركّز بشكل كامل على جعله يعمل، وعلى الإحاطة بكلّ العناصر اللازمة لإنجاح عملي بشكل سليم، أمّا التقديم التلفزيونيّ فلم يكن حتّى وارداً في ذهني.
كيف حدث ذلك؟
كنت أملك متجراً للأزياء الكلاسيكية في ذلك الوقت، وتلقيّت اتّصالاً من المنتج المنفّذ لبرنامج "هلا بحرين" (وهو برنامج صباحيّ يعرض على تلفزيون البحرين) حيث طلب منّي البدء بإعداد فقرة حول الأزياء لعرضها في البرنامج. بشكل تلقائيّ أجبت بالموافقة، فقد بدا لي الأمر متلائماً معي على نحو مثاليّ، حيث يجمع بين حبّي للأزياء والموضة وأيضاً صعود اسمي أمام مدمني الأزياء في البحرين. ظهرت كضيفة في تقديم فقرة الأزياء في البرنامج لمدّة شهرين من الزمن، حيث كنت أتكلّم عن الأزياء والأشكال الحديثة في الموضة. ثم طلب منّي المنتج أن أكون مقدّمة الفقرة بدلاً من أن أكون ضيفة. كنت أشعر بالراحة في تقديم البرنامج، واكتشفت أنّني استمتعت بكوني جزءاً من برنامج يوميّ، ولذلك تقدّمت وقمت بذلك. وما أثار دهشتي، في نهاية الموسم، هو عندما سألني المنتج أن أصبح مذيعة مشاركة في البرنامج! بالنسبة لهم كانت الخطوة التالية طبيعيّة، ولم يكن عرضاً قابلاً للرفض من جانبي أيضاً.
ما بعض العوائق التي واجهتها عند البدء بالتقديم التلفزيونيّ؟
بشكل رئيسيّ كانت اللغة عائقاً لي. فقد درست في مدرسة خاصّة في البحرين، وثمّ عشت ودرست في مانشستر في بريطانيا لمدّة أربع سنين. وكنتيجة لذلك، كنت أقرأ وأكتب وأتحدّث بالإنجليزيّة أغلب الأوقات. وعندما بدأت بتقديم فقرة الأزياء على التلفزيون، كان التحوّل إلى اللغة العربيّة تحدّياً بالنسبة لي، لكن الفقرة كانت قصيرة فاستطعت أن أتدبّر أمري. وفي كلّ الأحوال، كان تقديم البرنامج كاملاً باللغة العربيّة مع مجموعة من المواضيع، وحوارات مختلفة مع الضيوف على الهواء مباشرة تحدّياً كبيراً بالنسبة لي. وأدركت أنّه يتوجّب علي أن أصقل مهاراتي في اللغة العربيّة بدءاً من القواعد إلى الإكثار من القراءة باللغة العربيّة. كان والدي العون الأكبر لي في القواعد وبدأت بقراءة الكتب العربيّة على نحو كبير. وأنا الآن أقرأ كلّ شيء! كتب الأطفال، الشعر، الروايات، أيّ صنف سمّيه.. وأكون في الغالب قد قرأت كتاباً حوله. خلال هذه العملية، أعدت اكتشاف حبّي للغتنا الجميلة، اللغة العربيّة.
التحدّي الآخر الذي واجهني كان في الحصول على النغمة الصحيحة ودرجة الصوت المناسبة على التلفزيون. بعيداً عن الكاميرا كنت أميل إلى التحدّث بصوت خافت، لذلك توجّب عليّ أيضاً أن أتدرّب للحصول على النغمة الصحيحة عندما أتحدّث أمام الكاميرا بدون اصطناع.
هل ستستمرّين بالتقديم التلفزيونيّ، هل سيكون انتقالاً مهنيّاً دائماً؟
في الوقت الحالي، سوف أستمرّ بالتأكيد في التقديم التلفزيونيّ. فأنا ببساطة أحبّ هذه المهنة، حيث كلّ يوم يأتي عليّ هو يوم جديد. أتعلّم كثيراً وعالم الإعلام يتوسّع باستمرار. كما أنّ بيئة العمل هي بيئة تفاعليّة، وأحبّ أن أكون جزءاً منها. أعتبر نفسي محظوظة بأنني أملك عملاً، وأتطلّع للذهاب إليه كلّ صباح. وآمل أن أترجم طاقتي الإيجابيّة لتزويد جمهوري بالمرح والمعلومات التي يتطلّعون إليها.
ما نوع البرامج التي تطمحين إلى تقديمها؟
قدّمت ولا زلت أقدّم برنامجاً صباحيّاً. شاركت مؤخّراً كمذيعة في برنامج المواهب "نجم الخليج" على قناة دبي، والتي كانت تجربة نافعة بالنسبة لي، إضافتاً الى ذلك لقد كان البرنامج مباشراً، وكانت لجنة الحكم تتضمن أكبر الأسماء في عالم الموسيقى العربيّة. أنا في مرحلة الاستكشاف الذاتيّ عندما يتعلّق الأمر بالبرامج الجديدة، كما لديّ القابليه للتفكير بتقديم أيّ نوع من البرامج ما عدا السياسة، إنّها مرفوضة بالنسبة لي تماماً. وآمل أن أكون محظوظة بما فيه الكفاية لتجربة قدر ما أستطيع من أنواع البرامج حتى اجد ما يلائمني.
كيف كانت ردّة فعل الناس تجاهك في البداية؟ هل حصلت على الكثير من المدح كونك شابة بحرينيّة تقوم بتقديم البرامج على التلفزيون الوطنيّ؟
أنا محاطة بالناس الإيجابيّين طيلة الوقت، في المنزل، في العمل، ومع أصدقائي، لقد حصلت على الكثير من الدعم والملاحظات الإيجابيّة منهم، لكن أعتقد أنّ بعض الناس احتاجوا إلى بعض الوقت لتقبّلي في التلفزيون، خاصّة أنّ مقدّمتيّ البرنامج في الموسم السابق كانتا أقدم منّي ومن الوجوه المألوفة في الإعلام. كنت بشكل أو آخر الوجه الجديد في التلفزيون البحرينيّ من دون خلفيّة إعلاميّة أكاديميّة. وفي الوقت الذي تقبّلني بعض المشاهدين بشكل مباشر، كان على مشاهدين آخرين أن يأخذوا بعض الوقت، ويشاهدوا أدائي ليقتنعوا أننّي لست مجرّد وجه جميل آخر على التلفاز، بل مقدّمة برامج جديدة وجيّدة. أعتقد أنّ هذا عادل وأنا سعيده بالقول أنّني أتلقى تعليقات رائعة من مشاهدين يزدادون كلّ يوم.
ماذا يخبي المستقبل لنور الشيخ؟
في الوقت الراهن،لا أجد نفسي أقوم بوضع خطط طويلة الأمد، أحبّ أن أعيش في الحاضر، وذلك بالنسبة لي يعني الاستمرار في التقديم التلفزيونيّ والانفتاح على فرص جديدة. أستمتع بالعيش بيومي كما يأتي، وأجعل منه الأفضل.
هل من نصائح تقدّمينها للشباب الذين يحاولون الدخول إلى عالم الإعلام؟
الإعلام ليس مهنة فقط، إنّه نمط حياة بحدّ ذاته. عليك أن تكون مستعدّاً للقيام بالعديد من التضحيات. ذاك هو السبب الذي يوجب عليك أن تحبّه لتسمتع به. إنّه ليس حقلاً سهلاً لكنه حقلاً مثيراً للدهشة. مايهمّ على نحو كبير هو التركيز على ماتريد أن تحقّقه، ولاتأخذ التعليقات السلبيّة على محمل شخصيّ. تأكّد بأنّك محاط بناس طيّبين، وكن على طبيعتك. خذ ما تقوم به على نحو جدّي، اقرأ وكن على معرفة بما تريد الحديث عنه. أخيراً وليس آخراً، لا تجعل الشهرة تأسرك، فأنت لست بحاجة أن تشعر بالغرور، إنّه ليس بشيئ جيّد لك.
لإلقاء نظرة على السيرة المهنيّة لنور الشيخ الجديرة بالإعجاب، يمكنكم متابعتها على تويتر: nooralshaikh87@