لم يكن اللقاء التاريخي بين "المنتخب الكويتي" وفريق "ريال مدريد" الإسباني في السادس عشر من شهر مايو 2012م مجرَّد لقاء رياضي كبعض اللقاءات التي سرعان ما تحتل لنفسها مكاناً معتاداً في أرشيف الذاكرة الرياضية، بل كان حدثاً شعبياً نال نصيباً غير قليل من اهتمام الشعب الكويتي والشعوب الخليجية الملاصقة، وكانت له بصماته الترفيهية، والاقتصادية، والإعلامية، مروراً بالتجربة الغنية التي اجتازها المنتخب الكويتي أثناء تعامله مع نجوم تتربع أسماؤهم على قائمة الاغلى في العالم في فرصة نادرة جمعتهم في فريق يمتاز بثقافة أوروبية وخبرة ميدانية كبيرة في عالم كرة القدم. وصولاً إلى آثاره الودية التي ساهمت في تعزيز العلاقات بين البلدين والشعبين الصديقين: الكويتي والإسباني.
فريقان مُبدعان
عشاق فريق "ريال مدريد" يدركون جيداً أن أي مباراة مع هذا الفريق العريق ليست مجرد لعبة، وليست كأي مباراة، بل حدثاً استثنائياً مع نجم عالمي عتيق من نجوم كرة القدم. تأسس عام 1902م، وظهر بقوة على ساحة كرة القدم الأوروبية والإسبانية خلال خمسينات القرن العشرين، ليبلغ ذروة المجد الرياضي بحلول الثمانينات، ويكمل مسيرة تفوقه فيما بعدها، ليختاره الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" في نهاية عام 2000م كأفضل نادي كرة قدم في القرن العشرين. كما يتمتع هذا الفريق المعروف رسمياً في إسبانيا باسم: "فريق مدريد الملكي لكرة القدم" بسيرة مهنية رياضية أهلت اسمه لبلوغ سماوات الشهرة العالمية التي يحلّق فيها، إذ حقق رقماً رياضياً قياسياً حين فاز بالدوري الإسباني 32 مرّة حتى اليوم، وثمانية عشرة مرة بكأس ملك إسبانيا، وأحرز الفوز في تسع بطولات في دوري أبطال أوروبا، ما جعل من اسمه علامة فارقة في تاريخ كرة القدم، ونغمة جذابة لمسامع عشاق متابعي المباريات الكروية حول العالم.
أما منتخب الكويت الوطني لكرة القدم -الشهير بـ "الأزرق"- فيشهد له التاريخ الرياضي بكونه من أوائل المنتخبات الخليجية. تأسس عام 1952م، وأحرز ما يؤهله للشعور بالفخر في الساحة الرياضية الخليجية، منها فوزه بكأس الخليج عشر مرات، وفي كأس آسيا مرة واحدة، وصنع عدداً لامعاً من نجوم كرة القدم الكويتيين حتى اليوم. ومازال يسعى لتطوير نفسه وأعضائه لتكون فرص الفوز القادمة أجمل وأكثر تألقاً بإذن الله.
وديَّة.. لكنها ساخنة!
حبست الأنفاس بينما كان محبي كرة القدم في الكويت، وإسبانيا، وبقاع أخرى من الكرة الأرضية يتابعون أحداث المباراة الودية التي جاءت بدعوة رسمية من الكويت ضمن احتفالات الاتحاد الكويتي لكرة القدم بتتويج النادي الإسباني الملكي بلقب الدوري الإسباني، ليقضي أولئك المتابعين موعداً مع الشغف والحماس على مدرجات ملعب نادي الكويت أو أمام شاشاتهم المضيئة.
بدأ "ريال مدريد" المباراة -التي حضرها جمهور غفير- بتشكيلته شبه الأساسية، حيث دفع مدرب الريال البرتغالي جوزيه مورينيو بتشكيلة قوية مختلطة بين الأساسيين والاحتياطيين، إذ اختار كل من رونالدو، ومسعود أوزيل، وكريم بنزيمة، وأنخل دي ماريا منذ البداية، فيما أبقى على كل من الحارس كاسياس، وسيرجيو راموس، وريكاردو كاكا، وجونزالو هيجواين، ومارسيلو، وبيبي على مقاعد البدلاء قبل أن يدفع بهم في الشوط الثاني. ليسيطر ريال مدريد على معظم فترات المباراة مستحوذاً على الكرة، فيما اعتمد المنتخب الكويتي على الهجمات المرتدة التي شكلت خطورة لا بأس بها خاصة في الشوط الأول. لتنتهي المباراة بهدفين نظيفين لصالح الفريق الإسباني الذي سجل هدفه الأول في الدقيقة السابعة والعشرين من الشوط الأول بتسديدة زاحفة من اللاعب "دي ماريا" إثر تمريرة نموذجية من اللاعب "مسعود أوزيل" تلاه الهدف الثاني في الدقيقة الواحدة والثلاثين من الشوط ذاته بضربة رأسية من اللاعب "رونالدو" إثر تمريرة متميزة من اللاعب "ألتينتوب" بينما لم يشهد الشوط الثاني تسديد أي أهداف، لتنطلق صافرة النهاية معلنة بداية أجواء احتفالية سادت أرض الملعب، ثم تبادل اللاعبون الفانيلات للذكرى بعد المباراة التي طبعت بصمتها الرياضية على أرض الكويت، ويخرج الفريق الكويتي منها رابحاً خبرته الجديدة مع الفريق الأوروبي، بينما عاد الفريق الإسباني بذكريات جميلة مع أرض الكويت السخيّة.
– زينب البحراني
صوره: www.forzakakaonline.com