خريجة  جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر تصنع أثاثًا منخفض التكلفة وسهل التجميع وقابل للتحلل.

لطالما أحبت شايينا دين جوراس الإجازات والأعياد – العائلة والطعام والاحتفالات. لكن موسم الإجازات في ديسمبر 2019 كان موسما لا يُنسى لأسباب أكثر من الأسباب المعتادة.

كانت عائلة شايينا، والتي تنحدر من الفلبين، تقيم في قطر منذ عام 2008. وخلال الفترة التي سبقت رأس السنة الميلادية، وحرصًا على مشاركة روح الاحتفال خارج دائرة الأسرة، قررت عائلة جوراس طهي الطعام لعدد قليل من الأصدقاء الذين عاشوا في حي المنطقة الصناعية بضواحي الدوحة.

كانت شايينا في ذلك الوقت طالبة في السنة الثانية تدرس التصميم الداخلي في جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر. قامت شايينا بمشاركة عائلتها في طهي عدد من الأطباق الفلبينية التقليدية التي من شأنها أن تثير مذاق وروح المنزل لهؤلاء الأصدقاء.

فتحت هذه الزيارة عين شايينا والتي كانت تبلغ من العمر آنذاك 18 عامًا.

وتتذكر شايينا هذه الزيارة قائلة: "سمعت عن أماكن الإقامة متعددة الطوابق التي يعيش فيها الموظفون المهاجرون. لكنني لم أزر واحدة من قبل. كان لديهم وسائل الراحة الضرورية، ولكن ما أدهشني على الفور هو أنه لم يكن هناك سوى مساحات قليلة جدًا يستطيع المقيمين فيها أن يكونوا بمفردهم حقًا. لم يكن لديهم الخصوصية التي اعتادت عليها العائلات مثل أسرتي والتي نعتبرها جميعًا أمرًا مفروغًا منه."

في ذلك المساء، وعندما انضمت شايينا إلى عائلتها في زيارة هؤلاء الأصدقاء و تقديم وجبات الطعام التي طبخوها في المنزل إلى سكان المبنى، لم تستطع إلا أن تلاحظ شيئًا آخر – لم يكن لدى هؤلاء الأشخاص أي أثاث شخصي، بخلاف الأسرّة التي كانوا ينامون عليها.

في وقت لاحق، و أثناء عودتهم إلى المنزل، فكرت شايينا في الزيارة التي استغرقت أربع ساعات. وكمصممة أدركت خلال دراستها في الجامعة أهمية التصميم الذي يركز على المستخدم، لم تستطع التوقف عن التفكير فيما رأته – وما إذا كان بإمكانها، بطريقة صغيرة، تحسين نمط حياة أولئك الذين يعيشون في هذه المساحات المشتركة.

مع انتهاء العطلة، وبداية فصل الربيع، كانت شايينا قد قررت استكشاف جانبين كانت تأمل أن تساهم فيهما، ووجدت فيهما إمكانية لمزيد من البحث والتطوير.

كوّنت شايينا استراتيجية لمعالجة هذا الأمر. قررت أن تجعل هذا الأمر جزءًا من مشروعين جامعيين، الأول مشروع التخرج، والثاني، مشروعها للتخرج من برنامج مرتبة الشرف العالية، وكان يتعين عليها تقديم كلاهما في سنتها الدراسية الأخيرة في جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر.

وتقول شايينا: "قررت في مشروع التخرج، التركيز على العلاقة بين السكان ومساحة أماكن إقامتهم وتصميمها، واقتراح حل لها." وأضافت: "استخدمت نتائج منظمة الصحة العالمية (WHO) كأساس متين لبناء اقتراحي عليه. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يعتبر السكن اللائق هو حق من حقوق الإنسان، وأن ما يندرج تحت المأوى المادي "الملائم" يعني أكثر من مجرد مكان للإقامة؛ إنها مساحة يتم فيها حماية الخصوصية، ودعم الرفاهية النفسية."

أما لمشروع التخرج من برنامج مرتبة الشرف العالية، أرادت شايينا معالجة الجانب الثاني – الأثاث الذي يمكن تركيبه واستخدامه في المساحات المدمجة مثل شقق الاستوديو في المباني الحضرية متعددة الطوابق، ومقصورات العمل في المكاتب، وأماكن إقامة العمال.

كانت خطوتها الأولى: استشارة عضو هيئة التدريس بالتصميم الداخلي الأستاذ محمد سليمان. اقترح محمد استكشاف مفهوم المكان، واستكشاف العوامل التي تجعل شيئًا ما شخصيًا، والتي تحدد انتماء الشيء إلى شخص ما.

مع وضع مفاهيم لكلا المقترحين، وبدعم من أعضاء هيئة التدريس، بدأت شايينا العمل. لمشروع التخرج، قامت شايينا بإجراء مقابلات مع عدد من الأطباء النفسيين والأخصائيين الاجتماعيين والعاملين الصحيين من ثلاث قارات، وجميعهم كانوا على  تفاعل مباشر مع العمال المهاجرين. كما تحدثت إلى العمال الفلبينيين الذين يعيشون في هذه المساكن.

قامت شايينا بتضمين النتائج من مقابلاتها وأبحاثها في مشروعها للتخرج: مخطط للإسكان المجتمعي يتضمن تصميمًا حيويا، وظيفيًا، ويوفر الخصوصية، إلى جانب مساحات منفصلة للحياة الشخصية، والممتلكات الشخصية، والتفاعل الاجتماعي.

أما في مشروع التخرج من برنامج مرتبة الشرف العالية و الذي استكشف خيارات الأثاث، قامت شايينا بالتحقيق في وحدات الأثاث الحالي الذي توفر مساحة لتخزين المتعلقات الشخصية. اكتشفت أن معظم الموديلات كانت إما كبيرة جدًا أو باهظة الثمن. كانت مصممة على جعل تصاميمها أرخص وأبسط.

وتشرح شايينا قائلة: "كان تصميمي النهائي عبارة عن مجموعة يمكن لكل مقيم من خلالها ابتكار قطعة أو قطعتين أو ثلاث قطع أثاث مميزة لملء مساحته الصغيرة. على سبيل المثال، إذا اختاروا عدم استخدام القطعة ككرسي، سيكونوا قادرين على تجميع الأجزاء لصنع قطعة أثاث أخرى مثل حاوية تخزين أو رف للمطبخ وغيرها. تأتي قطعة الأثاث في صندوق مغطى بالقماش. يمكن إعادة استخدام القماش كغطاء للسرير."

وللحفاظ على التكلفة منخفضة، استعانت شايينا بمكتبة المواد في جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر، حيث تعرفت على مادة تسمى ‘reBoard’ واختارت استخدامها لأسباب مختلفة: كانت مادة "معاد تدويرها، وفعالة من حيث التكلفة، وخفيفة الوزن، ولها طبقة علوية قوية، وهشة تسمح بطيها، ولها خاصية تحمّل الوزن بصورة ممتازة."

عندما بدأت شايينا عملية التصنيع، كان هدفها الأول ابتكار مجموعة أدوات لمساعدة السكان على تجميع الأثاث باستخدام البراغي والمفاصل. ومع مرور الوقت، غيرت رأيها.

"كان إضافة مجموعة أدوات سيؤدي فقط إلى زيادة التكلفة وجعل التجميع معقدًا؛ كنت بحاجة إلى حل لا يتطلب صواميل ومسامير. قادني بحثي إلى النجارة اليابانية، ولا سيما تقنية مورتيز وتينون. يربط مفصل مورتيز وتينون قطعتين من الخشب أو مواد أخرى بدون عناصر خارجية مثل البراغي والمسامير، مع السماح لها بأن تكون عملية وقابلة للتعديل. استخدمه عمال الخشب في جميع أنحاء العالم منذ آلاف السنين لربط قطع الخشب بعضها البعض. سمح لي اعتماد هذه التقنية بتقليل كمية وأنواع المواد اللازمة والتكلفة وجعل التجميع أسهل."

بعد الانتهاء من النموذج النهائي، قررت شايينا إنشاء كتيب للعاملين. كان نهجها في إنشاء الكتيب مشابهًا لمفهومها للأثاث: تمامًا كما أزالت البراغي والمفاصل، ألغت الكلمات. استوحت الفكرة من كتيبات أيكيا وليجو فقامت باستخدام لغة التصوير بدلاً من النص.

عند الانتهاء من المشروعين، قالت شايينا إن الإحساس بالإنجاز والوفاء الذي شعرت به كان مختلفا عن أي عاطفة مرت بها من قبل.

تقول: "ركز المشروع على المنفعة وعلى تلبية الحاجة. لقد عنى لي الكثير أن أكون قادرة على توفير شيء صغير ولكنه عملي لمجموعة من الأشخاص الذين يحتاجون إليه. عندما أخبرت بعض السكان في السكن الذي زرته، أنني كنت أقوم بعمل شيء خاص لهم، تأثروا وفوجئوا باهتمامي بهم بشكل خاص."

وتضيف: "عندما قدمت إحدى مجموعات الأثاث التي طورتها لأحد أصدقاء عائلتي الذين يعيشون في المنطقة الصناعية، كان سعيدًا وتأثّر بأنني صممت شيئًا خاصًا لهم."

وتقول خريجة جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر دفعة 2022، إنها بالإضافة إلى كونه مشروعًا "مُرضيًا بشكل لا يصدق"، فأنها تأمل أن تخدم جهودها غرضًا آخر – أنه يبدد الفكرة العامة حول ماهية التصميم الداخلي.

وتقول : "هناك اعتقاد خاطئ في المجتمع بأن التصميم الداخلي هو الديكور الداخلي، وهو ليس كذلك"، و تقول: "التصميم الداخلي هو تصميم قائم على الأدلة يركز على بيئة العمل البشرية والتصاميم القائمة على علم النفس وبيئة العمل والقياسات البشرية والغرض. إنه يدرس ما يحتاجه الأشخاص الذين تصمم لهم وما يمكن تحسينه، إنه يتحدى معايير ما نعرفه في عالم التصميم بدلاً من أخذ ما هو موجود بالفعل. أشعر أن مشروعي يلخص هذا."


لمزيد من المعلومات حول جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر، قم بزيارة qatar.vcu.edu

نبذة عن جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر

تأسست جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر عام 1998 من خلال الشراكة مع مؤسسة قطر ، وهي فرع من الحرم الجامعي الدولي فرجينيا كومنولث في ريتشموند فرجينيا، وهو البرنامج المصنف في أعلى مرتبة بين برامج الفنون والتصميم في الولايات المتحدة. تقدم جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر للطلاب فرصة الحصول على بكالوريوس الفنون الجميلة في كل من تصميم الغرافيك، والتصميم الداخلي والرسم والطباعة، وعلى درجة بكالوريوس الفنون في تاريخ الفن، بالإضافة إلى ماجستير الفنون الجميلة في التصميم. تعمل جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر على غرس حب التعليم والفنون في نفوس الطلاب في مجتمع نابض بالحياة ليصل إلى العالمية.

نبذة عن مؤسسة قطر – لإطلاق قدرات الإنسان

مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع (QF) مؤسسة خاصة غير ربحية تدعم دولة قطر في مسيرة تحول اقتصادها المعتمد على الكربون إلى اقتصاد معرفي من خلال إطلاق قدرات الإنسان، بما يعود بالنفع على دولة قطر والعالم بأكمله. كما تدعم الابتكار والتكنولوجيا عن طريق استخلاص الحلول المبتكرة من المجالات العلمية الأساسية. وتسهم المؤسسة أيضاً في إنشاء مجتمع متطوّر وتعزيز الحياة الثقافية والحفاظ على التراث وتلبية الاحتياجات المباشرة للمجتمع.

0 Shares:
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You May Also Like
Read More

دن‭ ‬غاليري الكويت

يضم‭ ‬معرض‭ ‬دن‭ ‬غاليري،‭ ‬المنشئ‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬٢٠١٥،‭ ‬بين‭ ‬جدرانه‭ ‬أعمالا‭ ‬لفنانين‭ ‬معاصرين،‭ ‬عارضا‭ ‬أساليب‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭…
Read More

بون ‬آب

 ‬ يعمل‭ ‬ثلاثي‭ ‬نسائي‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬سيدات‭ ‬اسكندنافيات‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬مشكلة‭ ‬الطعام‭ ‬الفائض‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬وجبة‭ ‬تلو‭…
Read More

سارة طيبة

منذ‭ ‬طفولتها‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬العاشرة،‭ ‬كانت‭ ‬الرسامة‭ ‬السعودية‭ ‬سارة‭ ‬طيبة‭ ‬تعرض‭ ‬للعالم‭ ‬لمحات‭ ‬من‭ ‬مسارها‭ ‬الوظيفي‭ ‬المستقبلي،‭ ‬حيث‭…
Read More

اينكد

اينكد‭ ‬هو‭ ‬مطعم‭ ‬لا‭ ‬يشابه‭ ‬ما‭ ‬اعتدت‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬مطاعم،‭ ‬إذ‭ ‬يركز‭ ‬عبر‭ ‬أفكاره‭ ‬المتجددة‭ ‬على‭ ‬ابتكار‭ ‬تجارب‭…