شكلت نساء السودان في ثورة 2018 مصدر إلهام كبير لدى شعاع عبدالفتاح، خريجة جامعة فرجينيا كومنولث قطر
حصلت شعاع عبد الفتاح على درجة البكالوريوس في تاريخ الفن من كلية الفنون بجامعة فرجينيا كومنولث قطر مؤخرا. بدأ مشوار شعاع مع الجامعة عندما كانت تطّلع على صفحة قسم تاريخ الفن في الجامعة على صفحات الانترنت، و الذي أثار اهتمامها، حيث بدا لها أنه دراسة فن التاريخ هي دعوة إلى التمهل في التفكير والبحث عن كثب و طرح أسئلة مهمة حول "الصورة" وتأثيرها العام.
يتخذ قسم تاريخ الفن في جامعة فرجينيا كومنولث قطر – وهو مجتمع مكوّن من أعضاء هيئة التدريس والطلاب والفنانين والقيمين والمتخصصين في المتاحف – مجموعة من الأساليب للإجابة على مثل هذه الأسئلة. يعتنق القسم حقيقة أن تاريخ الفن هو أحد أكثر التخصصات تعددًا، حيث يمتد إلى دراسات التاريخ والدين والثقافة والجنس والجنسانية والعرق والأدب. ازدهرت شعاع في المساحة التي أتيحت لها من قبل الأساتذة، حيث كانت حرة في اختيار مواضيع بحوثها، مما جعل عملية الاختيار أمرا مثيرا، وكانت إحدى مقالاتها الأخيرة التي كتبتها بعنوان "كيف أثّر الفن العام في السودان على دور المرأة في ثورة ديسمبر 2018".
اندلعت الثورة في السودان في الجزء الأخير من ديسمبر 2018 عندما واجهت حكومة الرئيس عمر البشير احتجاجات شديدة، و مهدت المسيرات والتجمعات الطريق لاعتصام الخرطوم، بما في ذلك التمرد المدني والإضرابات. بعد عدة أشهر من الاحتجاج، أعلن الجيش في 11 أبريل 2019 أن البشير قد أُطيح به أخيرًا. الالتزام الثابت من الناشطات السودانيات هو ما أكسب ثورة 2018 السودانية لقب "ثورة المرأة".
كان للنساء دور محوري هذه المظاهرات، حيث أن المتظاهرات السودانيات طالبن بالمساواة بين الجنسين واستنكرن العديد من القوانين المتعصبة الظالمة للمرأة من خلال تمثيل المرأة في الفن العام. يُقال هنا أن الدور التقليدي للمرأة ، الذي يتسم بالقمع وسوء المعاملة ، كان محفزا رئيسيا للثورة السودانية والتمثيل النهائي للمرأة في الفن العام من ناشطات وقادة للحراك".
ترتبط شعاع ارتباطًا وثيقًا بتراثها السوداني وتربطها علاقة قوية ببلدها الأم، ولهذا السبب أثرت هذه الثورة عليها بشكل مباشر، لا سيما كامرأة. لقد كان رؤية عدد كبير من النساء السودانيات في طليعة معظم المسيرات أمرا ملهما جدا بالنسبة لها و عقدت ميثاقًا مع نفسها بأنها ستبذل قصارى جهدها لدعم القضية و إن كانت مغتربة بعيدة عن الوطن.
"هذا الموضوع مهم جدًا بالنسبة لي كوني سودانية الأصل بشكل عام. و كذلك كوني امرأة شابة تريد إحداث التغيير في المجتمع، أحسست أنه يجب علي أن أبدأ من مكان ما، و اتخذت هذا الموضوع كنقطة انطلاق بالنسبة لي. كان هذا المقال جزءًا من مقرر مشروع التخرج والذي كانت يدور حول دور المرأة والأمومة في المجتمعات".
"بالنسبة لي، كان النجاح في هذا البحث أكثر أهمية من أي شيء آخر. البروفيسورة هوليداي باورز الذي كانت تشرف على هذا المقرر دفعتني بشكل كبير، و كنت و لا زلت ممتنة لذلك. كان من واجبي أيضًا التواصل مع فنانين ومؤلفين مختلفين في السودان للوصول إلى جوهر الموضوع. كما كانت لدي مصادر رائعة أخرى مثل مكتبة جامعة فرجينيا كومنولث في قطر ومركز الكتابة لمساعدتي في تحقيق النتيجة المثالية لبحثي".
اختارت العديد من الأعمال الفنية العامة والفنانين و الفنانات للمناقشة في ورقتها. من بين هؤلاء الفنانات كانت علاء ساتر، فنانة سودانية بريطانية تعيش في لندن. وتعتقد الناشطة البالغة من العمر 22 عامًا أن النساء اللواتي وقفن بجرأة تم سجنهم ظلما باسم الدين. ومع ذلك، على الرغم من ردة فعل الجيش الشرسة، رفضت العديد من النساء الخضوع والقمع.
رسمت علاء ساتر جداريات عامة بعد هزيمة البشير وإسقاطه. أكدت اللوحة الجدارية التي تحمل عنوان "نحن الثورة والثورة مستمرة" الدور الواضح والقيِّم للمرأة في الحراك. تصوّر الجدارية ثلاثة نساء يرتدين ملابس تقليدية يحتفلن بأياد مرفوعة وإيماءات احتفالية، لكن تعابير وجوههن غير مرحبة والشعار المكتوب حولهن يقول "نحن الثورة والثورة مستمرة". تعبر هذه اللوحة الجدارية على وضع المرأة السودانية و كيف أنه حتى بعد قيادتها للاحتجاجات، تم استبعادها إلى حد كبير خلال المرحلة الانتقالية التي تلت، مما يشير إلى الحاجة إلى مزيد من الحراك.
سافرت شعاع إلى السودان وتحدث إلى النساء اللاتي كن جزءًا من الثورة، وسألتهن أسئلة حول ما تعرضن له خلال المسيرات و كيف كانت تجربة الخروج إلى الشارع بالنسبة لهن كنساء.
يوضح تحليل تمثيل المرأة في الفن العام أثناء الثورة كيف يتم استخدام دور المرأة في المجتمع، أو ما هو متوقع منها، من قبل الدولة كوسيلة للقمع، وفي الوقت نفسه من قبل الجهود الثورية كأداة للتحرير، الأمر الذي يكشف عن التأثير المعقد لدور المرأة على المجتمع السوداني.
"إن الفحص الدقيق للصعوبات التي واجهتها الناشطات خلال الثورة السودانية يكشف عن قوة الهيكل الأبوي بغض النظر عن الأدوار الرئيسية للمرأة والمقاومة والمناضلة المستمرة في كل مكان. خلاصة الموضوع، يظهر التحليل أنه يمكن استخدام الفن العام بفعالية من قبل الناشطات للمطالبة بالإصلاحات وتأييد التغييرات على الساحة الوطنية؛ وأن روح المقاومة لا زالت مستمرة و سائدة رغم الاضطهاد والقمع المستمران".
على الرغم من التحديات المستمرة، تواصل النساء السودانيات الكفاح.
"استنتاجي النهائي من البحث هو أن الفن العام أثّر بشكل كبير على دور المرأة خلال الثورة في السودان بطريقة إيجابية. وضع المرأة في السودان أيضًا آخذ في التغيير، مما يمنحنا الأمل".
تنوي حاليا شعاع عبد الفتاح بدأ تدريبها المهني؛ ستواصل العمل حول هذا الموضوع في بحوث مستقبلية.