تقول كارلا أوتيرو، معلمة الفنون البصرية في المدرسة الأمريكية بالدوحة في قطر: "كنت أعرف أن هناك فرقًا بين الفن والعلاج بالفن، ولكنني لم أكن مستعدة لمعرفة مدى صحة ذلك".

عندما سمعت كارلا أوتيرو، التي تُدرِّس الفن لنحو 300 طالب في المدرسة الأمريكية في قطر، عن الدورة التأسيسية للعلاج بالفن التي تنظمها جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر، قررت الاشتراك على الفور.

عمل فني تم صنعه خلال ورشة العمل. (الصورة من كارلا أوتيرو)
 
بالنسبة لكارلا أوتيرا ، معلمة الفنون المرئية في المرحلة الابتدائية العليا بالمدرسة الأمريكية بالدوحة ، كانت الدورة التأسيسية للعلاج بالفن التي تنظمها جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر تجربة منيرة للبصرية. (الصورة من كارلا أوتيرو)
عمل فني تم صنعه خلال ورشة العمل. (الصورة من كارلا أوتيرو)

يعكس اهتمام كارلا بالعلاج بالفن الاعتراف المتزايد بأن هذا الشكل غير الطبي من التدخل أصبح مرغوبا ومطلوبا. على مدى العقد الماضي، تمت التوصية بهذا المجال وبشكل متزايد لاستكمال العلاج الطبي، ومعالجة الحالات غير الطبية.

في الواقع، كان كم التعليقات الإيجابية على تأثيرات التدخل القائم على الفن أو العلاج بالفن كبيرا لدرجة أن منظمة الصحة العالمية نشرت  في عام 2019 تقريرًا يقدم دليلاً قاطعًا على فوائده على كل من الصحة الجسدية والنفسية.

في ضوء هذه الأدلة، فإن الدورة التأسيسية في العلاج بالفن التي أطلقها برنامج التعليم المجتمعي والتعليم المستمر في جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر أتت في الوقت المناسب. هذه الدورة، والمعتمدة من قبل الجمعية البريطانية للعلاج بالفن (BAAT)، هي الأولى من نوعها في المنطقة. يقوم بتدريس هذه الدورة سارة باول، خريجة جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر، ومؤسسة مركز ATIC للطب النفسي والاستشارات في دبي، دولة الإمارات العربية المتحدة.

"العلاج بالفن يتجاوز الكلمات مما يجعله فريدًا إلى حد كبير، بحيث أنه السبيل الوحيد المتاح للفئات المجتمعية غير الناطقة."

وتشير سارة باول إلى الكيفية التي ساهمت بها عوامل مثل تطوير قطاع الرعاية الاجتماعية، وتحسين الوعي، وتزايد عدد سكان المدن ، وغيرها الكثير، في زيادة الوعي العام بالصحة، و من منظور وقائي وعلاجي.

تقول باول: "يأتي العديد من الأشخاص إلى العلاج لدعم نموهم الشخصي بينما يأتي آخرون لعلاج مخاوف محددة أو حتى مع تشخيصات معينة". "العلاج بالفن يتجاوز الكلمات مما يجعله فريدًا إلى حد كبير، بحيث أنه السبيل الوحيد المتاح للفئات المجتمعية غير الناطقة. وبغض النظر عن الدوافع ، يمكننا جميعًا الاستفادة من تعزيز صحتنا النفسية ، خصوصا في ظل جائحة كوفيد 19 و تداعياتها. 

حصلت سارة باول على درجة الماجستير في العلاج النفسي بالفن من كلية لاسال للفنون، سنغافورة، وهي عضو في الجمعية المهنية لمعالجي الفنون الإبداعية في أستراليا ونيوزيلندا وآسيا (ANZACATA). مع ما يقرب من عقد من الخبرة السريرية في تقديم العلاج بالفن للأطفال والمراهقين والبالغين والعائلات، تقول سارة إن القبول العام للصحة النفسية لا يزال يمثل عقبة أمام فهم الحاجة إلى العلاج بالفن وفوائده، خاصة فيما يتعلق بالأطفال.

تقول سارة باول التي تترأس دورة أساسيات العلاج بالفن في جامعة فرجينيا كومنولث في قطر أن مستوى الوعي العام بفوائد العلاج بالفن يتصاعد.

وتقول: "لا يزال الكثير مؤمنا بوصمة العار المرتبطة بالصحة النفسية"، وتضيف: "العديد من الآباء يقومون بتأخير تقديم أبناءهم للتقييم الصحي و يستمرون في التأخير بسبب هذا الاعتقاد. ولكن أستطيع القول بأننا شهدنا تغييرات إيجابية على مر الأعوام الماضية ، مما يدل على تحسن الوعي والفهم للقضايا المحيطة بالصحة النفسية".

"تم استخدام العلاج بالفن منذ أكثر من 70 عامًا في الغرب، ولكنه يعد جديد نسبيًا في الشرق الأوسط. ومع توسع قطاع الرعاية الاجتماعية، أصبح يسمح بإدخال العلاج بالفن من ضمن أعمال أخصائيي الرعاية الصحية والمعلمين واستخدام الفن بحساسية في إطار عملهم المهني. في عام 2020، قمنا بتوسيع خدماتنا، وتقديم التدريب بالتعاون مع جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر."

وتشرح سارة باول كيف أنه من أجل الحصول على شهادة معالج فني محترف، يحتاج المرء إلى دراسات وتدريب مكثف – "الحد الأدنى من درجة الماجستير بالإضافة إلى التدريب الأساسي أثناء العمل ضروري للتأهل للحصول على ترخيص مهني". لا توجد حاليًا درجة دراسات عليا في العلاج بالفن في منطقة الشرق الأوسط وتأمل سارة باول وفريقها في تلبية هذه الحاجة في المستقبل القريب.

العلاج بالفن بجميع أشكاله المتنوعة – الأدائي، المرئي، الأدبي، الثقافي، عبر الإنترنت وغيره – لديه مجموعة من التطبيقات العلاجية في معالجة الحالات والمتلازمات والمواقف الاجتماعية المرتبطة بالخرف والسكتات الدماغية واضطراب ما بعد الصدمة وإساءة معاملة الأطفال، والصحة النفسية.

ولا يستفيد المرضى فقط – فقد أظهرت الدراسات أن مقدمي الرعاية الصحية يستفيدون من المشاركة في الدورات الفنية. كان حسن التواصل والتعاون والوعي الذاتي والحساسية والتعاطف مجرد بعض الفوائد العاطفية التي جنيها المشاركون.

حتى بالنسبة لمعلمة فنون متمرسة مثل كارلا أوتيرو – والتي تقوم بتدريس الفن والتطوع في أماكن مختلفة مثل المستشفيات والمدارس ومراكز التعافي والجمعيات الخيرية لأكثر من 20 عامًا – كانت الدورة التأسيسية للعلاج بالفن التي نظمتها جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر في العلاج بالفن بمثابة "فتح للعين".

عمل فني تم صنعه خلال جلسات العلاج بالفن

وتقول كارلا أوتيرو: "طوال مسيرتي المهنية كمدرسة للفنون، كنت أدرك أن هناك فرقًا بين الفن والعلاج بالفن، ولكنني لم أكن مستعدة لمعرفة مدى صحة ذلك ". "لقد جعلتني هذه الدورة أفهم بوضوح الفرق بين الاثنين."

وتوضح كارلا بإن الدورة جعلتها تفكر بشكل أعمق في التعبير عن الذات، عن نفسها، ولدى طلابها الصغار.

وتقول: "أطبق الكثير من المعرفة التي تمت مشاركتها معنا خلال الدورة". "أحمل منظورًا جديدًا وعدسة جديدة أثناء عملي معهم. على سبيل المثال، وبصفتي مدرسةً، أحاول أن أكون مستمعًة أفضل لطلابي، وأصبحت الأسئلة التي أطرحها الآن حول أعمالهم الفنية لها معنى آخر. أصبحت محادثاتي معهم تدور حول أهمية العملية الفنية أكثر من العمل الفني النهائي".

"ساعدتني المعرفة التي تلقيتها في الدورة على تيسير عملهم من خلال تقديم المزيد من الخيارات والإعدادات. أقوم ومن خلال دروسي الفنية، بتضمين المزيد من الفرص للتعبير عن المشاعر من خلال الحواس اللمسية والسمعية. أستخدم الموسيقى الهادئة، وأرى كيف تتغير الأجواء".

"هناك مفهوم آخر تعلمته وهو كيف أن هناك مواد فنية عالية النظام بينما هنالك مواد أخرى أقل تنظيمًا. تختلف الاستجابات العاطفية للأطفال وفقًا لذلك – فيحتاج بعض الطلاب إلى مزيد من التحكم في بعض المواد الفنية، وبعضهم يحتاج إلى قدر أقل من التحكم. أرى هذا يحدث على الدوام في صفي".

"على المستوى الشخصي ، جعلتني الدورة أفكر في حياتي المهنية أيضًا. جعلني الوقت الذي أقضيه في الفن مع المواد الفنية المختلفة أتساءل عن نفسي، وتعبيري عن النفس، ومشاعري".

"الفن بلا شك أداة للتشافي."

كلمات ماري جوزف

هذه السلسلة جزء من شراكة تحريرية بين VCUarts Qatar و خليجسك

0 Shares:
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You May Also Like
Read More

دن‭ ‬غاليري الكويت

يضم‭ ‬معرض‭ ‬دن‭ ‬غاليري،‭ ‬المنشئ‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬٢٠١٥،‭ ‬بين‭ ‬جدرانه‭ ‬أعمالا‭ ‬لفنانين‭ ‬معاصرين،‭ ‬عارضا‭ ‬أساليب‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭…
Read More

بون ‬آب

 ‬ يعمل‭ ‬ثلاثي‭ ‬نسائي‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬سيدات‭ ‬اسكندنافيات‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬مشكلة‭ ‬الطعام‭ ‬الفائض‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬وجبة‭ ‬تلو‭…
Read More

سارة طيبة

منذ‭ ‬طفولتها‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬العاشرة،‭ ‬كانت‭ ‬الرسامة‭ ‬السعودية‭ ‬سارة‭ ‬طيبة‭ ‬تعرض‭ ‬للعالم‭ ‬لمحات‭ ‬من‭ ‬مسارها‭ ‬الوظيفي‭ ‬المستقبلي،‭ ‬حيث‭…
Read More

اينكد

اينكد‭ ‬هو‭ ‬مطعم‭ ‬لا‭ ‬يشابه‭ ‬ما‭ ‬اعتدت‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬مطاعم،‭ ‬إذ‭ ‬يركز‭ ‬عبر‭ ‬أفكاره‭ ‬المتجددة‭ ‬على‭ ‬ابتكار‭ ‬تجارب‭…