منذ طفولتها في سن العاشرة، كانت الرسامة السعودية سارة طيبة تعرض للعالم لمحات من مسارها الوظيفي المستقبلي، حيث تذكر المبدعة المتعددة المواهب كيف عينت نفسها كرئيسة تحرير خيالية لمجلة فنية ثقافية صنعتها بنفسها.
تقول سارة، "كانت وظيفتي هي الاهتمام بالتصاميم وألتقاط صور للأشخاص الذين أجري مقابلات معهم من أجل مجلتي، و بالطبع كان معظمهم من أفراد العائلة."
كان ميل سارة نحو الفن واضحًا خلال سنوات تكوينها، حيث تقول،"لطالما أحببت الشخبطة و الرسم ولكنني لم أتعامل مع الموضوع بجدية حتى تخرجت من المدرسة الثانوية."
من بعدها، قامت الرسامة المولودة في جدة والبالغة من العمر ٢٩ عاما بالحصول على شهادة البكالوريوس في التصميم الجرافيكي من جامعة دار الحكمة في جدة، تلتها شهادة الماجستير في الفنون الجميلة في تخصص الرسم والطباعة من أكاديمية جامعة الفنون في سان فرانسيسكو.
تستعيد الرسامة ذكريات وقتها التي قضته في سان فرانسيسكو بكثير من الحنين، "لا أحد قالها أفضل من توني بينيت في أغنيته، "تركت قلبي في سان فرانسيسكو،" تقول سارة. عندما عادت إلى مسقط رأسها في المملكة العربية السعودية ، أنشأت سارة شركة استشارية للتصميم خاصة بها وأطلقت عليها اسم رسمة وكلمة.
"لطالما آمنت بزيجة الكلمات والرسوم،" تقول ساره. "إنهم يكملون بعضهم البعض."
يدعى المشروع الحالي الذي يشكل رابطة جميلة بين شغف سارة بالرسم والكلمات ب مرسال. قالت سارة: "لطالما آمنت أن الناس يشعرون بالسعادة عندما يكونون قادرين على الشعور بالفهم و الألفة نحو شيء ما، وأنا أحب أن أجعل الناس يشعرون بالسعادة."
كانت هذه هي الفكرة خلف مرسال، وهو مشروع ابتكرته سارة لعرض رسومات رسائل من قلوب حزينة لم يرسلها أصحابها.
"تمت كتابة هذه الرسائل الحزينة من قبل أشخاص مختلفين يتشاركون بآلام قلوبهم. يتواجد هؤلاء الأشخاص بشتى أنحاء العالم: سان فرانسيسكو، برشلونة، اسطنبول، الخرطوم، برلين، الكويت، القاهرة، دبي، جدة، وغيرها الكثير." قالت سارة، "لكل علاقة محطمة نهاية مختلفة، وبعض الرسائل ليست موجهة لشركاء عاطفيين سابقين. ولكن، الصوت الذي يسعى لإيجاد نوع من النهاية المرضية هو الرابط المشترك بين هذه الرسائل. لم يتم تلقي هذه الرسائل من الأشخاص المقصودة لهم، ولذلك، تم تحويلهم إلى رسومات."
تعمل سارة في الوقت الحالي لمرحلة ما بعد الإنتاج لمشروع مرسال، والذي تتصوره كعرض صغير وحميم لجميع الرسائل، بالإضافة إلى عرض أدائي، ولوحة فنية أخرى ذات صلة بفكرة المعرض. "أتمنى أن يتم العرض في نهاية السنة الحالية أو بداية سنة 2019،" قالت سارة.
تتضمن المشاريع الأخرى من رسمة وكلمة على رسومات كتب عربية للأطفال، وتصميم الشعارات، لوحات البورتريه، البطاقات، والقرطاسيات. تعد رسومات سارة جذابة، عاطفية وتحتوي على حس التساؤل. تعاونت سارة أيضا مع مشاريع الفيلم والموسيقى، حيث مدت نطاق إبداعها لما يتعدى الرسومات ويصل للوسائل المختلطة.
تطرقت سارة للعديد من القضايا في مشروع فيديو عنوانه "دعوني أنمو بصورة طبيعية" ومنها هويتها كامرأة يافعة مسلمة ومفاهيم الحرية والانتماء لمكان معين.
"في السابق، حين كنت أشعر بأنني اختلف عن الغالبية في المملكة العربية السعودية، كنت أظن بأن الرحيل هو الحل الأمثل. و لكني لم أجد نفسي في الولايات المتحدة الأمريكية،" تقول سارة. "لاحقا، اعتزمت أن أصنع بيتي حيثما كنت إذ لم تتسنى لي الفرصة لإيجاد نفسي لا هنا ولا هناك، ولا اتناسب مع أي من المكانين. ولازلت أتمنى أن أجد مكانا جديدا ثالثا يحتضنني بشكل كامل."
وقريبا سوف تمثل سارة في فيلم روائي سعودي أيضا. وحتى يومنا هذا، كانت سارة جزءا من خمسة إنتاجات، منها فيلم قصير تم نشره بعنوان كيكة زينة، وما زالت بقية الأفلام في فترة ما بعد الإنتاج.
التدفق المتواصل للإلهام هو أمر مهم لشخص مبدع يرسم ويكتب بشكل يومي مثل سارة. "أحاول قدر المستطاع أن أكون مدركة ومتواجدة في اللحظة،" قالت سارة. "هذا يمكنني من الرؤية البصيرة للناس وإيجاد الإلهام في الأمور البسيطة والصغيرة."
تنصح سارة المبدعين الطموحين ألا يستعجلوا التميز، وأن يحرصوا على التدريب المستمر. "المثالية هي مجرد أسطورة، والساعين للكمال هم أكثر الأشخاص معاناة،" قالت سارة. "احرص على أن تحمل كراسة رسم وقلم طوال الوقت لأن الأفكار لا تنتظر."
https://www.instagram.com/rasma.kilma/
كلمات زيانة قيصر
الصور عبدالله الشهري