حسن الشحي فنان ناشئ تخرج مؤخرًا من كلية الفنون بجامعة فرجينيا كومنولث في قطر. أطروحته الأخيرة "استرداد الذات" هي عبارة عن تركيب مثير للفكر ولافت للنظر لقطرات زجاجية تمثل الدموع. الفكرة من وراء هذا المشروع هي درس مؤثر في احتضان أعمق مشاعرنا.
بدأت رحلته الفنية لاكتشاف الذات عندما التحق الشحي، المقيم في الدوحة، بجامعة فرجينيا كومنولث. بالنسبة له كانت الدراسة هناك خيار واضح كونها أرقى جامعة للفنون في الدوحة وفي الشرق الأوسط في رأيه. لم تكن بداية مسيرته الأكاديمية سهلة، في الواقع عندما بدأ برنامج البكالوريوس، لم يكن قادرًا على العثور على غايته واختار التصميم الجرافيكي، لكن خطط أخرى كانت تنتظره في تخصص الرسم والطباعة.
يعد قسم الرسم والطباعة في فرجينيا كومنولث قطر مجتمعًا حيويًا يركز على الممارسة بالإضافة إلى البحث. يكتسب الطلاب مهارات في الرسم والطباعة ولكن أيضًا يتم منحهم فرصًا للمشاركة في مجالات واسعة تتضمن المبادرات الاجتماعية والترميز الإبداعي والفيديو والأداءًا وغيرها.
شرح الشحي قائلاً: "في تخصص الرسم و الطباعة، المشاريع مفتوحة للتأويل، ونصنع منها ما نشعر به حتى نتمكن من التعبير عن اهتماماتنا الفنية. قد يكون العثور على موضوع يثير اهتمامك أمرًا صعبًا بالبداية، ولكن عندما ضرب فيروس كورونا COVID-19 ، كان من الواضح لي أن المشاعر والأفكار هي ما أريد مناقشته في عملي لأنه موضوع يمس الجميع ".
كما اختار الشحي تخصصا مساندا في تاريخ الفن لأنه يعتقد "أنه من أجل فهم الفن يجب أن نكون على دراية بسياقه التاريخي والأشكال المختلفة التي اتخذها بمرور الوقت. أردت أن أقدم لنفسي وجهة نظر مختلفة عن الفن بشكل عام وكان التاريخ دائمًا موضوعًا مفضلًا بالنسبة لي ". مضيفا أنه "كما يقول المثل العربي، ما ليس له ماض لا مستقبل له".
منحه البرنامج الممتد لأربع سنوات في جامعة فرجينيا كومنولث في قطر تجربة فريدة من نوعها في الدراسة مع طاقات إبداعية شبابية، حيث كان دائمًا محاطًا بالإلهام الذي دفعه إلى الاستمرار وإيجاد لمسته الفريدة في عالم الفن. "كان مشروعي الأخير هو أطروحة التخرج والتي كانت تدور حول العالم الداخلي للأفكار والعواطف، وهو شيء عانيت في التعامل معه أنا والعديد من الآخرين خلال الجائحة. لقد أثرت الجائحة على الجميع بشدة لذلك شعرت بالمسؤولية لتسليط الضوء على هذا الموضوع الذي يعد تابوها اجتماعيا وتصويره في بطريقة إيجابية"
تتكون أطروحته "استرداد الذات" من قطرات زجاجية رقيقة تتدلى من خيط رفيع يمثل الدموع التي إذا تم كسرها، مثل الزجاج، يمكن أن تكون حادة ومؤلمة. ويرافق العمل الفني قصيدة كتبها عن مشاعره. تلقى الشحي الكثير من التقدير لشجاعته في مشاركة عمله الذي يتناول موضوع لم يعتد الجمهور رؤيته، خاصةً من رجل عربي. تم عرض المشروع عبر تلفزيون قطر بالإضافة إلى الصحف المحلية والمدونات.
يقول بيت من القصيدة: "القلب المكسور هو عين دامعة، له لمعان زجاج هش، يمكن أن ينكسر في أي لحظة إلى ألف دمعة، تتساقط بغزارة لتزيل كل تراكم الأيام، الأسابيع، الشهور أو السنوات الميتة."
يوضح الشحي أن مرافق الحرم الجامعي الحديثة والتي تتضمن آلات الطباعة وورش الناجرة والمواد والمستلزمات ، إلى جانب دعم المهنيين والحرفيين المتخصصين وشركات الإنتاج، ساهمت جميعها في مساعدته على تكوين أساس متين وتقديمه لأطروحة كان لها وقع في نفوس المشاهدين. يعترف بأنها لم تكن رحلة سهلة؛ كان العمل صعبًا وكان هناك الكثير ليتعلمه على طول الطريق. كان يجب عليه الالتزام بمواعيد التسليم و حتى إن كان ذلك يعني السهر طوال الليل، ولكن كل هذا ساعده على تطوير شعور قوي بأخلاقيات العمل والمثابرة.
بالنسبة للمشروع النهائي ، عمل عن كثب مع صانع زجاج محلي لانتاج 100 قطرة زجاجية. أحضر له فكرة مفصلة مصممة بالحجم والأشكال وعملوا معًا حتى تم تنفيذ كل شيء على أكمل وجه. حدث ذلك على مدار فترة من الزمن حيث جربوا العديد من الخيارات حتى وجدوا المطلوب. في تلك الفترة، اكتشف الشحي أيضًا "أن محيطي والأشخاص من حولي يمكنهم تحريكي عاطفيًا وفنيًا. يمكنهم أن يلهموني أو يفسدوا يومي."
كونه خريجًا جديدًا لا يعني أن الشحي مسلح بالمعلومات فحسب، بل في حزمته دروس ستخدمه في حياته الشخصية والمهنية لسنين قادمة .على سبيل المثال، لم يعد يؤمن أنه لكي ينجح مشروع ما، يجب أن يعمل عليه بشكل مستقل وينفذه بمفرده بالكامل. فهو يدرك أن العمل مع محترفين مدربين يحقق نتائج أفضل.
بالإضافة إلى درجة البكالريوس في الرسم و الطباعة الذي حازها، تخرج الشحي بأعلى مراتب الشرف و رئيسا على دفعته "أعتقد أن سر نجاحي كان القيام بما يعجبني وإنتاجه وفقا لمعايير ترضيني شخصيا. لا فائدة من العمل إذا كرهت ما أفعله ، فذلك يأتي بطاقة سلبية لي وللآخرين."
يعمل الشحي حاليًا على تطوير قطع جديدة مماثلة لأطروحته ولكن باستخدام وسائط و مواد مختلفة. و في الآن ذاته، يعمل على التقديم لبرامج مختلفة على أمل الحصول على إقامة فنية للعام المقبل.
كلمات سايره مالك
هذه السلسلة جزء من شراكة تحريرية بين VCUarts Qatar و خليجسك