من النادر جداً أن يعيش شخص ما في مملكة البحرين دون أن يضطر لاجتياز سوق المنامة، حيث مكتب البريد الأساسي، محطة النقل العام الرئيسية، عدد من الفنادق السياحية، مراكز الصرف وتحويل العملات، المقاهي الشعبية، مطاعم الوجبات السريعة، والبضائع التي صنع أكثرها لجذب أبصار السياح الأجانب على وجه الخصوص، كالهدايا التذكارية، والتماثيل الصغيرة المعبرة عن الانتماء للبحرين، والبطاقات البريدية التراثية، والقمصان الموشومة بصور وكلمات تنم عن المكان والزمان. أما المهتمين باقتناء أعداد الصحف الأجنبية والعربية غير المحلية فور صدورها مثلي، فلن يكون لهم غنى عن زيارة هذا السوق دورياً للحصول عليها من متجر صغير متخصص بعرضها للقراء الذواقين من ذوي الأمزجة الثقافية الخاصة.
سمي السوق العريق بهذا الاسم لوقوعه شمال شبه جزيرة المنامة، وتحديداً في قلب العاصمة البحرينية، بالقرب من "باب البحرين" الذي يعتبر أحد أشهر المعالم الجغرافية البحرينية إن لم يكن أشهرها على الإطلاق، مثلما يعتبر نقطة بداية السوق. ويضم عدداً هائلاً من البضائع المتنوعة، وعدداً أقل – بطبيعة الحال- من البائعين البحرينيين والشرق آسيويين كالهنود على سبيل المثال لا الحصر. يمتاز بقربه من سوق الذهب الرئيسي في البحرين في مجمع "مدينة الذهب" ومجمع "يتيم سنتر" الذي يعتبر أول مجمع حديث تم تأسيسه على أرض البحرين قبل أن يتم تأسيس مجمعات أخرى أكبر وأكثر حداثة، كما يمتاز بتقديمه صورة واقعية لحضارة البحرين بماضيها وحاضرها، وربطه بين أكثر من موقع حيوي في المنطقة. ولا يحتاج السائر في السوق إلى وقت طويل حتى يلحظ عشرات التفاصيل الهندسية والإنسانية الدقيقة التي تحاول الجمع بين عراقة الماضي وإشراقة الحاضر في صورة تحافظ على الموروث الخليجي وتحفظ حاضره دون إهمال أو ابتذال، وعلى رأسها تلك المباني التي تم تجديدها بعناية وإتقان لتؤكد انتماء المكان لجذوره الخليجية العربية الأصيلة دون تخلفه عن ركب الحاضر.
وبالتزامن مع إعلان المنامة عاصمة ثقافية لعام 2012م، أعلنت وزارة الثقافة البحرينية عن إطلاق مشروع يرمي إلى تجديد سوق المنامة، وإعادة بنائه بطريقة تبدو أقرب إلى هيئة تاريخية سابقة كان يبدو عليها في فترة ما، وسقف شارعه، ومنع دخول السيارات باستثناء مركبات الطوارئ، إضافة إلى بناء ساحة حديثة تضم مطاعم ومقاهي واستراحات سياحية عصرية، واقتطاع مساحة لتكون متحفا يضم صوراً ومخططات للسوق القديم، ومعرضا لتاريخ البحرين، تمهيداً لتحويله إلى أحد أكبر أسواق الخليج العربي، لكن الجهات المسؤولة عادت لتعلن تأجيل هذا المشروع إلى أجل غير مسمّى في مستقبل غير معلوم. وفي جميع الأحوال، يبقى سوق المنامة بكل زواياه معلماً شامخاً من معالم تاريخ البحرين وحاضرها.
– زينب البحراني