ان صناعة الأزياء تأتي في خط معاكس تماماً مع صورة الجسم الصحي، وزيادة الوزن كما يظهر ذلك من خلال عرض فيلم " الشيطان يرتدي برادا" والذي عرض في عام 2006، حيث تقول البطلة من خلال سياق الفيلم " انظروا انني امشي على حمية جديدة. أنا لا آكل شيئا حتى انني اشعر بالاغماء، واذا شعرت بالجوع الشديد أكل مكعب صغير من الجبن فقط حتى لا يغمى علي. انا أتفادى الحصول على معدة ممتلئة".

فمنذ أن بدأت صناعة الازياء في العالم، انتشرت معها امراض اضطرابات الأكل وسوء التغذية لدى عارضات الازياء والمراهقات الصغيرات اللواتي يقلدن هؤلاء العارضات، وبالنسبة لمعظم النساء النحيفات فإنه من الغير ممكن اطلاقاً ان يتطابق مقاسهن مع مقاس ازياء العارضات المصممة من قبل مصممي ازياء مشهورين.

واشتهرت احدى الشركات  التي تقدم عروضاً للازياء والتي احدثت ضجة كبيرة حولها بسبب افتخارها بنفسها لأنها تستخدم عارضات ازياء شديدي النحافة، حتى ان احدى العارضات صرحت بأنها لا تأكل المواد الصلبة اطلاقا لمدة تسعة ايام متواصلة قبل اي عرض للازياء تقوم به.

"ديان فون فيرستنبيرغ" رئيسة مجلس مصممي الموضة في الولايات المتحدة، تتولى العمل على حل مشاكل التغذية ومن ضمنها اضطرابات الأكل لدى عارضات الازياء حول العالم وتعمل على ايجاد حلولا لها. وصرحت بأنها ارسلت مبادئ توجيهية هذا الموسم لضمان الحفاظ على صحة العارضات خاصة خلال أسبوع الموضة في نيويورك. كما طلبت التحقيق في اعمار العارضات من خلال الكشف على هويتهن للتأكد من أن اعمارهن لا تقل عن 16 سنة. ويتم تباعاً الكشف على المقبولات للتأكيد على انهن لا يعانين من مرض  فقدان الشهية "الانوركسيا" ويجب ان يكن لائقات بدنياً وبصحة جيدة لأنهن سوف يصبحن تجسيداً ومثالاً قويا لفتيات صحيات ومقبلات على الحياة يعشن حياة متوازنة من خلال عرضهن على منصة العرض.

وقد كتبت "كريستال رينية" عارضة الازياء المثالية في كتاب "الجوع" الذي نشر عام 2010، عن تجربتها في العمل كعارضة ازياء منذ صغر سنها. فقد عانت من الهزال ومن بروز عظامها تحت الجلد ، خاصة عند زوايا الوركين وكان وجهها هزيلاً جداً، والمفارقة بأن وكيل اعمالها كان دائما ينصحها بأنها تحتاج الى انقاص وزنها أكثر. وهذا ما ادرى بها الى الاصابة باضطرابات في الأكل، والوسواس القهري من تناول الطعام والهوس بكره الطعام وتجنبه واتباع حميات غذائية قاسية. بينما كانت العارضات الاخريات يلجأن للحفاظ على اوزانهن بتناول القطن او مناديل الورق لأن ذلك يشعرهن بالشبع ولكن بالتأكيد لا يمنحهن اية سعرات حرارية مفيدة لأجسادهن المتهاوية. وكان برنامج غذائهن يتضمن شرب فنجان من القهوة السوداء بدون سكر وتدخين عدد من السجائر قبل العرض ، ونصطدم بتصرح العارضة السوبر المثالية "كيت موس" عندما سألت عن فلسفتها في عرض الازياء بأنها قالت "لا يوجد احساس جميل مثل الاحساس بالنحافة".

في عام 2006، كانت ريال مدريد هي أول مدينة في العالم تحظر استخدام عارضات يقل مؤشر كتلة الجسم لديهن أقل من 18. وكانت جميع العارضات يخضعن للكشف عليهن . وفي تلك السنة، صرح "ليتيزيا موراتي" رئيس بلدية ميلانو، لصحيفة ايطالية متخصصة في صناعة الأزياء بأنه يجب استخدام عارضات ازياء صحيات بدلا من استخدام " الهياكل العظمية التي تستعرض على المدرجات".

في يناير 2007، اتخذ اتحاد مصممي الازياء الامريكيين مبادرة صحية بمعالجة قضايا الازياء العالمية. نتيجة للقلق الساحق من سوء استخدام عارضات يعانين من النحافة المفرطة في اعمال تجارية، والبحث عما اذا كان هناك فرض قيود في مثل هذه الحالات، ان الحفاظ على العارضات هي مسئولية مصممي الازياء وخاصة اذا كانت هؤلاء العارضات صغيرات السن وبالتالي عليهم تطبيق رسالة مفادها "أن الصحة عنوان الجمال".

على الرغم من أن بعض العارضات يتسمن بطول القامة والنحافة بشكل طبيعي ، فإن هذا المظهر ما هو الا نتيجة لعوامل كثيرة، فبعض العارضات يزداد امتناعهن عن الطعام ليصبحن عرضة لاضطرابات الأكل على الرغم من صناعة الأزياء حالياً تتعرض لحملات التوعية وخلق مناخ يدعم رفاهية وصحة هؤلاء النساء الشابات ".

وتتلخص المبادئ التوجيهية لاتحاد مصممي الازياء الامريكيين على النحو التالي:

• توعية القائمين على صناعة الازياء لكشف علامات الإنذار المبكرة لدى العاملين فيها وخصوصاً الاصابة بخطر تطور مرض اضطراب في الأكل.
• تشجيع عارضات الازياء المصابات باضطراب في الأكل إلى طلب مساعدة متخصصة من أجل مواصلة عملهن في العروض. والعارضات اللاتي يتلقون مساعدة مهنية للتعافي من الاضطراب في الأكل ينبغي عليهن الابتعاد عن تقديم العروض حتى شفائهن تماماً.

• إعداد ورش عمل للعاملين في صناعة الازياء (للعارضات وعوائلهن) لتوعيتهن حول طبيعة مرض اضطرابات الأكل، وكيف نشأ، وكيف يتم تحديد المرض والتعامل معه، والمضاعفات الناتجه عنه اذا لم يعالج.
• عدم السماح بالتعاقد مع عارضات صغيرات جداً في السن (اقل من 16 سنة) بل يجب التعاقد مع عارضات يبلغن من العمر اكثر من 18 عاماً، سواء للعمل كعارضات ازياء او كعارضات لمنتجات الجمال وذلك بعد التحقق من هويتهن للكشف عن اعمارهن الحقيقية.
• الاهتمام بتجهيز الوجبات الصحية، والوجبات الخفيفة، وتوفير المياه الصحية وراء الكواليس، وذلك حرصاً على توفير التغذية الصحية للعارضات.
• الترويج لبيئة صحية وراء الكواليس من خلال زيادة الوعي الصحي لتأثير التدخين والأمراض المرتبطة بالتبغ بين النساء، وضمان وجود بيئة خالية من التدخين.

وقد وضعت قائمة من "العلامات التحذيرية" لاضطرابات الأكل من مركز هاريس للصحة والدعوة لتجنب اضطرابات الأكل من مستشفى ماساتشوستس العام وهي:

• تغيير جذري في أنماط الأكل أو ممارسة الرياضة.
• عدم الاعتماد على الوجبات الخفيفة التي لا تشبع ولا تعطي اية سعرات حرارية.
• الانضمام إلى نظام غذائي صارم جداً.
• الابتعاد عن الوسواس القهري والخوف من زيادة السعرات الحرارية عند تناول الكربوهيدرات أو الدهون.
• الميل إلى الذهاب إلى الحمام بعد تناول الطعام مباشرة.
• فقدان الوزن السريع.
• استخدام تدابير متطرفة لانقاص الوزن (على سبيل المثال، الملينات، حبوب الحمية، ومدرات البول).
• الحديث باستمرار عن الشكل والوزن أو المواد الغذائية في كل وقت وبدون حاجة.
• الابتعاد عن الأصدقاء أو تفادي القيام بالأنشطة المختلفة.
• ارتداء ملابس فضفاضة لإخفاء فقدان الوزن.
• عدم انتظام الدورة الشهرية او غيابها.

– شيخه احمد

0 Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You May Also Like