استمد هذا الكتاب شهرته من شهرة صاحبه الشيخ عائض القرني وكذلك من مدلولاته التي طالما كانت تدعو الى الأمل والتفاؤل والنظر الى الحياة بمنظور اخر مليء بالسعادة والتحرر من قيود الهم واسواط اليأس الباعثه للتشاؤم ومن ثم الحزن والإنكباب على الآلام المحبطة للنفس، فقد تميز هذا الكتاب بعدة أمور جعلت منه خير أنيس لكل من أشرف على بؤس ما، او كل من ارهقته متطلبات الحياة، ومن هذه المميزات أنه من تأليف شخصية عربية ملتزمة، معروف عنها الدعوة إلى الفضيلة والعمل من أجل نشرها، لذا فإن ما يقدمه هو امتداد للإلتزام السابق، أي أن خط السعادة الذي يبحث عنه هذا المؤلف هو خط الفضيلة، أي كيف يمكن الحصول على السعادة من خلال الفضيلة، كذلك إستعانة الكاتب بآيات من القرآن وأحاديث من السنه أثرت كتابه وأعطت المصداقية لأقواله. كما أن المؤلف قدم أفكاره بأسلوب سلس وميسر وعلى جرعات صغيرة، بحيث يمكن لكل إنسان أن يتناول موضوعاً أو موضوعين كل ليلة، كما أن كونه من نتاج البيئة العربية والمجتمع العربي المعاصر، فقد اعطى ذلك الأحداث والأمثال والأهداف دافعاً ان تكون من واقع العصر، ولا تتحدث عن مجتمع خيالي يبحث عن السعادة حيث لاتوجد. كذلك إن عملية إنتاج وإخراج الكتاب جميل يساعد على قراءة موضوعاته الشيقة، والتي زادت عن 350 موضوعا، ومن وقفاتنا عند بعض ما يحتويه هذا الكتاب وقفه عند هذه المواضيع:
لاتكن إمعه:
لا تتقمص شخصية غيرك، ولا تذب في الآخرين، إن هذا هو العذاب الدائم، وكثيرون هم الذين ينسون أنفسهم وأصواتهم وحركاتهم وكلامهم ومواهبهم، وظروفهم لينصهروا في شخصيات الآخرين، فإذا التكلف والصلف، والاحتراق والإعدام للكيان وللذات.
من آدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنان في صورة واحدة، فلماذا يتفقون في المواهب والأخلاق.
أنت شيء آخر لم يسبق لك في التاريخ مثيل، ولن يأتي مثلك في الدنيا شبيه.
انطبق على هيئتك وسجيتك (قد علم كل أناس مشربهم) (ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات)، عش كما خلقت لا تغير صوتك، لا تبدل نبرتك، لا تخالف مشيتك.
إن الناس بطبائعهم أشبه بعالم الأشجار، حلو وحامض، وطويل وقصير، وهكذا فليكونوا. فإن كنت كالموز فلا تتحول إلى سفرجل؛ لأن جمالك وقيمتك أن تكون موزا. إن اختلاف ألواننا وألسنتنا ومواهبنا وقدراتنا آية من آيات الباري فلا تجحد آياته.
فكر واشكر:
المعنى ان تذكر نعم الله عليك فإذا هي تغمرك من فوقك ومن تحت قدميك {وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها} صحة في بدن امن في وطن غذاء وكساء وهواء وماء لديك الدنيا وانت ما تشعر تملك الحياة وانت لاتعلم {واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} عندك عينان ولسان وشفتان ويدان ورجلان {فبأي آلاء ربكما تكذبان} هل هي مسألة سهلة أن تمشي على قدميك وقد بترت اقدام وأن تعتمد على ساقيك وقد قطعت سوق أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطار الألم نوم الكثير وأن تملاء معدتك من الطعام الشهي وأن تكرع من الماء البارد وهناك من عكر عليه الماء ونغص عليه الشراب بأمراض وأسقام تفكّر في سمعك وقد عوفيت من الصمم وتأمل في نظرك وقد سلمت من العمى وانظر الى جلدك وقد نجوت من الرص والجذام والمح عقلك وقد أنعم عليك بحضوره ولم تفجع بالجنون والذهول، أتريد في بصرك وحده كجبل احد ذهبا اتحب بيع سمعك وزن ثهلان فضة هل تشتري قصور الزهراء بلسانك فتكون ابكم هل تقايض بيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون أقطع انك في نعم عميمة وافضال جسيمة ولكنك لا تدري تعيش مهموماً مغموماً حزيناً كئيباً وعندك الخبز الدافئ والماء البارد والنوم الهانئ والعافية الوارفة تتفكر في المفقود ولا تشكر الموجود تنزع من خسارة مالية وعندك مفتاح السعادة وقناطير مقنطرة من الخير والمواهب والنعم والأشياء فكر واشكر {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} فكر في نفسك وأهلك وبيتك وعملك وعافيتك وأصدقائك والدنيا من حولك فأعرف نعم الله عليك.
لا …. تحزن:
لا تحزن: لأنك جربت الحزن بالأمس فما نفعك شيئاً، رسب ابنك فحزنت، فهل نجح؟! مات والدك فحزنت فهل عاد حياً؟! خسرت تجارتك فحزنت، فهل عادت الخسائر أرباحاً؟!
لا تحزن: لأنك حزنت من المصيبة فصارت مصائب، وحزنت من الفقر فازددت نكداً، وحزنت من كلام أعدائك فأعنتهم عليك، وحزنت من توقع مكروه فما وقع.
لا تحزن : فإنه لن ينفعك مع الحزن دار واسعة، ولا زوجة حسناء، ولا مال وفير، ولا منصب سام، ولا أولاد نجباء
لا تحزن: لأن الحزن يريك الماء الزلال علقم، والوردة حنظلة، والحديقة صحراء قاحلة، والحياة سجناً لا يطاق
لا تحزن: وأنت عندك عينان وأذنان وشفتان ويدان ورجلان ولسان، وجنان وأمن وأمان وعافية في الأبدان.
لا تحزن: ولك دين تعتقده، وبيت تسكنه، وخبز تأكله، وماء تشربه، وثوب تلبسه، وزوجة تأوي إليها، فلماذا تحزن؟
هي بالفعل وقفات تحتاج إلى تأمل وإصغاء ومن ثم تطبيق عن إقتناع وتيقن بأن الحياة جميلة مادمنا نستطيع إمتصاص غضبنا وإنفعالاتنا عند المصائب والتصرف بالشكل الصحيح الواعي والبعيد عن كل إنفعال قد يزيد من وطأة التعاسة او البؤس، وقد إستخلص من ذلك الكتاب بعض الأقوال او الحكم المفيدة والتي قد تكون ضالة اليائس ومنار المستنير في امور الدين والدنيا ومنها:
– إتخذ الله صاحباً واترك الناس جانباً.
– وأقرب مايكون المرء من فرج إذا يئسا.
– إعز مكان في الدنيا سرج سابح، وخير جليس في الزمان كتاب.
– ولست أرى السعادة جمع مالاً، ولكن التقي هو السعيد.
– رب أمر تتقيه جر أمراً ترتجيه، خفي المحبوب منه، وبدا المكروه فيه.
– أتيأس أن ترى فرجاً! اين الله والقدر!!
تتنوع طرق السعادة في هذا الكتاب وذلك لإجاد اكبر قدر من الفرص للحصول عليها، وقد نشرت مجلة فوربز الأمريكية تقريراً عن كتاب لا تحزن كأكثر الكتب العربية مبيعاً في العالم كما قدمت بنشر خير عن تدشين النسخة المليونين التي تم بيعها مؤخراً، وهذا يدل على مدى الفائدة المرجوه من هذا الكتاب والمستقاه منه في ظل إنتكاسات على المستوى النفسي قد يشهدها الإنسان في اي مرحلة من مراحل حياته، فحتى عنوان الكتاب كان أحد الحوافز التي كان لها الاثر في نفس القارئ لغلافه وكان الكتاب يخاطبه هو ويتلمس في داخله اموراً قد يخفيها عن بني جنسه ليأتي العنوان كنابش بمواساته اكواماً من الاسئ ومرهماً في ذات الوقت من خلال محتواه الزاخر بمعان لامست النفس فداوت كلومها.
– احلام معوضه القحطاني