على بعد ساعة ونصف من إمارة أبوظبي، ترقد صحراء ليوا الأسطورية في صحراء الربع الخالي، التي تعد من الصحارى الكبرى في العالم. هناك، تجد قصراً يقف بشموخ وسط الكثبان الرملية الذهبية في منطقة حميم في نهاية المحاضر الشرقية، على بعد ما يقارب عشر دقائق من طريق حميم الرئيسي. هذا القصر الفاخر يذكرنا بالقصور والواحات التي كانت تتراءى أمام التائهين في الصحراء، وهو لاشك، واحة حقيقية غنّاء وارفة بالأشجار والظلال، يشبه هذا القصر الواحات التقليدية في الصحارى لكن بتصميم محدّث وأسلوب فخم. هذا القصر هو قصر السراب، الذي يعد من أفخم المنتجعات في الشرق الأوسط، وهو قائم في موقع كانت القبائل العربية تسكنه في السابق، حيث كانت تعيش على قطعان الأغنام والجمال وأشجار النخيل. وفي تلك الأيام كان رجال القبائل يتوجهون في الصيف إلى البحر لتأمين مورد رزقهم من الغنائم البحرية، ورغم التقدّم الحاصل والحداثة الكبيرة، إلا أن سكّانها لايزالون يحافظون على الحميمية الاجتماعية والعادات والتقاليد العربية الأصيلة.
وتختلف أجواء هذه المنطقة عن المناطق الأخرى، حيث تمتاز بالحرارة الشديدة في النهار وبالبرودة في الليل في فصل الصيف، ونسبة الرطوبة على خلاف المناطق الساحلية معدومة، إضافة إلى أن شتاءها يتميز بالبرودة وتساقط الأمطار.
وبالنسبة للسياحة فهي ليست بالجديدة على المنطقة، حيث كانت الشركات السياحية تأتي بالمجموعات السياحية للتخييم في هذه الصحراء لأيام وأسابيع في السابق، وجاء بناء هذا الصرح السياحي ليلعب دوراً أكبر في استقطاب السائحين والباحثين عن الاستجمام والاستكشاف، حتى أنك تجد العديد من السياح من البلدان الغربية يزور قصر السراب ومحيطه تحديداً دون أن يزور أي منطقة أخرى في دولة الإمارات، حيث الطبيعة الصحراوية الرحبة واللمسات البشرية الأنيقة، التي زادت من سحر المكان ورونقه وألفته.
ملاذ الباحثين عن الاختلاف
يوفر قصر السراب منتجع الصحراء أرقى الخدمات الفندقية على مستوى العالم، ويلبي أذواق كل السائحين والباحثين عن شيء مختلف عما رأوه في أماكن أخرى. في قصر السراب أربعة مطاعم مختلفة، تقدّم جميع أنواع الأطباق من بلدان مختلفة، ويمكن الاستمتاع بالمرافق المتوفرة هناك مثل: مركز اللياقة وملعب التنس وحوض السباحة الكبير ونادي الأطفال ومركز للأعمال ومكتبة زاخرة بالكتب، إضافة إلى عيادة طبية مع إسعاف سريع وطائرة هليكوبتر في حالات الطوارئ القصوى. ويحتوي على مئتين وخمس غرف وفيلا وأجنحة ملكية، ويُلحق به منتجع أنانتارا الصحي، الذي يضمن إعادة اكتشاف الطاقة الكامنة داخل الجسد عبر رحلة علاجية ممتعة على مدار ثلاثة أيام مستوحاة من تقاليد وفلسفات العلاج التايلاندية. ولاشك أن متعة استكشاف الصحراء والتجول فيها على الدراجات الجبلية أو الخروج في رحلة على ظهور الجمال غير قابلة للنسيان، والقيام بالرماية شيء لا يعوّض أبداً.
لا يقتصر جمال المكان على المركز الذي هو القصر، بل يمتد إلى محيطه أيضاً حيث المحمية الطبيعية التي تزيد مساحتها عن تسعة آلاف متر مربع، تعيش فيها الحيوانات الصحراوية، التي ترعى في هذا الملاذ الطبيعي، ويستمتع الزوار، خاصة العائلات، بمشاهدة هذه الحيوانات وطريقة حياتها.
بين الأصالة والحداثة
في الواقع، يجمع قصر السراب الذي يمكن أن نصفه بالقصر الأسطوري، بين الحداثة والأصالة التاريخية، بين ذكريات الأجداد وأحلام الأحفاد في تطوير العاصمة أبو ظبي، التي تشهد رُقياَ سياحياً كبيراً. ويُشهد لأبنائها عملهم المتواصل على تنمية الثروة السياحية دونما كلل أو ملل، في سبيل المضي إلى مصاف أكثر الأمم تقدماً وجذباً للسياح.
عند دخول الزائر إلى داخل القصر، يشعر بروعة المكان وفخامته، يشعر ببراعة الأسلوب الحديث في الإكساء الداخلي ومهارة الحفاظ على الديكور والمناظر التقليدية القديمة المأخوذة من تراث الإمارات، وينبهر من لمسات المصممين السحرية، التي أضافت ألقاً على الفنون الهندسيّة العريقة، عدا عن السحر الذي ينعكس على القطع الأثرية المعروضة في داخل القصر من تواريخ وأماكن مختلفة تحت إشراف خبراء الآثار العالميين.
استخدم البناؤون في الديكور الداخلي للقصر الطين وسعف وخوص النخيل والأحجار، وتجد العديد من الخدع البصرية التي قام بها مصممو الديكور داخل القصر. أما تصميم القصر الخارجي فهو أشبه بالحصون والقلاع الطينية التاريخية. وعلى محيط القصر، سلسلة متناسقة الألوان والأشكال من الفلل، التي تميل كالهلال في سماء صافية، ناهيك عن مناظر أشجار النخيل المتناثرة في تناسق جميل في محيط الفلل. والمشهد الذي يأسر الألباب هو غدير المياه المواجه للقصر، والذي خصص لإرواء الغزلان العطشى في المحمية الطبيعة.
أنانتارا العالمية
الجدير بالذكر أن الشركة المسؤولة عن إدارة قصر السراب منتجع الصحراء هي أنانتارا، والتي تعني باللغة السنسكريتية "من غير نهاية". والمنتجعات التي تشرف عليها أنانتارا تستمد ديكوراتها وتصاميمها من التقاليد الثقافية والتراث التاريخي والجمال الطبيعي. تأسست في عام 2001 عند إطلاق منتجع أنانتارا الأول ضمن منطقة منتجعات هواهين التاريخية الساحلية في تايلاند، وهناك امتدت إلى أهم المواقع السياحية، مؤسِسة منتجعات في غاية الجمال والروعة، وبلغت شهرتها العالمية في عام 2006 مع إطلاق جزر المالديف أنانتارا، حيث قدمت كل وسائل الراحة للاستمتاع بالعطل هناك، ثم توسعت في أرجاء آسيا والشرق الأوسط، لتصبح علامة تجارية عالمية توفر الراحة والاستجمام والاسترخاء وسط أجواء من الفخامة والراحة.
– عبدالله ميزر