للعام الثاني على التوالي في الفترة بين 9-17 فبراير/شباط من العام الحالي، انطلق مهرجان أضواء الشارقة في اثني عشر موقعاً من الإمارة، وقد افتتحه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وعدد من الشخصيات ورعاة المهرجان وحشد من الإعلاميين، والذي تنظمه هيئة الإنماء التجاري والسياحي
يعد هذا المهرجان من بين أبرز الفعاليات في إمارة الشارقة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، له دور في تعزيز مكانة الإمارة ضمن قائمة المدن والعواصم العالمية الكبرى التي تركز على سياحة المهرجانات، حيث لها الدور الكبير في استقطاب أعداد كبيرة من السياح داخل وخارج دولة الإمارات العربية المتحدة
ويضم المهرجان هذا العام اثني عشر موقعاً من أبرز المواقع والمعالم السياحية في الشارقة: القصباء في الواجهة الداخلية والخارجية منها، حصن الشارقة، واجهة واحة النخيل، ميدان الثقافة، واجهة المجاز المائية، مسجد المجاز، مجمّع دار القضاء، السوق المركزي، المجلس الاستشاري وميدان الكويت، الميل الذهبي، مطار الشارقة الدولي
يكرّم المهرجان وسائل الإعلام المختلفة التي تسهم في إبراز هذا الحدث الجماهيري من خلال التغطية الشاملة والموسعة لفعالياته، كما ويولي أهمية كبرى لإبداعات الأطفال الفنية، حيث تكرّم هيئة المهرجان من يقدّم أفضل الرسومات من أطفال مدارس الشارقة على مبنى الحصن، في سعي إلى تعزيز دور الإبداع والفن عند الأجيال الصاعدة
والجدير بالذكر أن المهرجان يتميز بتقنيات عرض عالية الجودة، تعتمد على استخدام الضوء بطريقة فنية جديدة وتقنيات حديثة، ليس فيها أي هدر للطاقة الكهربائية، كما أن هيئة المهرجان تهدف إلى زيادة الوعي الترشيدي في استهلاك الطاقة من خلال استخدام تقنيات اقتصادية في استهلاك الكهرباء. والشركة المسؤولة عن تنسيق الإضاءة في المهرجان هي شركة نوماد الفرنسية، التي تقوم بدعم جميع أنواع الفعاليات الثقافية، ويعتبر عملها متخصصاً ومميزاً يركز على الإبداع والإنتاج وإبهار الجمهور في الفعاليات ذات الطابع الثقافي مثل العروض والمهرجانات والحفلات الموسيقية وأي فعالية أخرى
في هذا المهرجان، ترسم الأضواء أجمل التحف والرسومات الفنية على معالم الشارقة، ترافقها الموسيقى التي تجذب الجماهير بكافة اختلافاتهم وجنسياتهم. في أجواء المهرجان تحس أنك خرجت من عالمك الطبيعي، لتحلق مع الشخصيات الضوئية التي ترقص أمامك على صروح الشارقة، فتكون لوحة بل لوحات فنية مزخرفة بأجمل الألوان، وحينذاك تدرك أن الضوء لا يستفاد منه على صعيد الإنارة فقط، بل يستفاد منه لإدخال الفرح إلى القلوب
وأكثر ما يلفت النظر هو التطرق إلى موضوع البيئة، حيث يقوم فنان من الجيل الشاب من جامعة الشارقة وكلية التقنية العليا بتقديم عروض الفيديو والضوء في عشرة بيوت قديمة كانت تعرف سابقاً باسم "العريش" في واجهة واحة النخيل، حيث تتوزع بيوت العريش على طول واجهة النخيل، وتحت إشراف مدير عروض الفيديو "فيليب تشيتلات" يقدم الطلبة إبداعاتهم المعبّرة عن رؤيتهم للبيئة من خلال طرح مواضيع مثل "الكوكب الأزرق" و"توفير الطاقة" و"الحياة في عالم أفضل" ضمن قالب فني جميل لا يخلو من خفة الروح والتأمل والمرح، حيث تكون هناك عشر نوافذ مفتوحة تعرض للجمهور عالماً آخر يعكس وجهات نظر الجيل الجديد
والملفت للنظر أيضاً هو رؤية حشود السائحين الذين يلتقطون صوراً تذكارية أمام مسجد المجاز، الذي يتحول إلى لوحة فسيفسائية من الألق والجمال، تشعر وكأنها لؤلؤة قوس قزحية في وسط السماء، وتعتمد الإضاءة على خاصية عرض 360 درجة في الأماكن المفتوحة، ويمكن للجمهور أن يتجول في المكان من دون أن تتأثر الإضاءة، وتلاحظ أن تلك الألوان المنعكسة على المسجد، كأنها ألوان حجارة المسجد الأصلية، مستمدة من الفن الإسلامي المعماري العريق
ولا يمكن لك أن تنسى ما تقدمه "كرابوز" المجموعة الفنية العالمية الشهيرة، التي أضاءت أهم العواصم والمدن العالمية، موجودة على أرض الشارقة الطيّبة وفي جعبتها أروع العروض النارية الساحرة، حيث يقوم فريق المجموعة بتحويل السوق المركزي ومحيطه إلى صالة كبيرة من الضوء والنار، والغاية من وراء هذه التقنيات والجماليات النوعية هو التركيز على النار التي تعتبر نقطة التقاء جميع عناصر الطبيعة: النار والماء والرياح والعنصر الأكثر أهمية الناس على حد قولهم
في الواقع، يعتبر هذا الحدث التوقيت الأمثل لإشباع رغبة الاستكشاف وروح المغامرة، ففي كل ركن من أركان المدينة تتجلى صورة جديدة بلون جديد، تتلألئ الألوان والأضواء بأطياف لا مثيل لها، وجمال المشهد يفرض نفسه بانسيابية، ويبقى الزائر صامتاً ومتسائلاً ومستغرباً أمام هذه الإبداعات الفنية، التي تدفع بالزائر إلى الرغبة في متابعة كل مواقع المهرجان، والإعداد لمتابعته في سنواته المقبلة، حيث هناك شيء مختلف عما قبله في كل عام من عمر المهرجان
عبدالله ميزر –
abdhisen@gmail.com