لا يسع المتابع للنهضة الاقتصادية في البحرين إلا أن يلاحظ انتقالها بخطى سريعة من مرحلة الاقتصاد التقليدي المعتمد على الغوص بحثاً عن اللؤلؤ إلى مرحلة الاقتصاد الحديث المعتمد على النفط، وأن تستغل مواردها النفطية أمثل استغلال للنهوض بعملية التنمية، الأمر الذي يؤهلها للتواؤم مع المتغيرات الاقتصادية العالمية في تنويع مواردها الاقتصادية، لتكون بهذا مركزاً مالياً متميزاً على خريطة الاقتصاد العالمي، مستفيدة في ذلك من موقعها الجغرافي، وريادتها الحضارية العتيقة، ومتابعتها المستمرة لتجارب الدول المتقدّمة في هذا المضمار. وهاهي تلك المتابعة تتمخض عن مشاريع تستحق الالتفات، يتربع مشروع "مرفأ البحرين المالي" على عرشها.

يقع مبنى المرفأ على الواجهة البحرية للعاصمة المنامة، وتم تصميم مبنى المشروع الذي يهدف إلى ترويج اسم مملكة البحرين كمركز مالي رئيسي لمنطقة الشرق الأوسط، بحيث يشكل منظومة تطويرية متكاملة تضم تحت سقفها أفضل الشركات العالمية في القطاع المالي، ويوفر تشكيلة من المرافق المتنوعة من ضمنها مكاتب لشركات تجارية عالمية قررت اتخاذ البحرين مقراً  رئيسياً لها، وشركات سياحية، ومكاتب متخصصة بالفنون والثقافة، ومحلات التجزئة، ومطاعم فاخرة، ونوادٍ صحيّة، ومرافق سكنية وتجارية وترفيهية، ليكون بهذا وجهة تجارية واقتصادية وسياحيّة وترفيهيّة شاملة تمتد على مساحة 380.000 متر مربع، بداخل برجين مثلثين مزدوجين محفوفين بالمباني الفاخرة والمساحات الخضراء، يرتفع كل برج منهما بطول 260 متراً  ترتفع ثلاث وخمسون طابقا، بالإضافة إلى العديد من الأبراج التي تضم ما بين عشرين إلى أربعين طابقا، وبتكلفة تصل إلى مليار ونصف المليار من الدولارات.

ويمتاز مبنى المرفأ المالي بآلية تصميم داخليّة تجعل منه أحد أكبر مشاريع البنية التحتية تطوراً من الناحية التكنولوجية في المنطقة. إذ تم تصميم المكونات التقنية لمرفأ البحرين المالي اعتماداً  على أحدث التقنيات مع تركيز الاهتمام على أربعة أنظمة حيويّة رئيسية فيه: أنظمة السلامة، أنظمة الاتصالات، أنظمة إدارة المبنى وأنظمة التكييف. كما استخدم مشروع مرفأ البحرين المالي أنظمة تكنولوجيا معلومات متقدّمة قائمة على حلول بروتوكولات الانترنت والتي تتميز بوجود تسهيلات للمراقبة المباشرة أو المركزية أو بالتحكم الآلي عن بعد. ولأنّ مشروعاً بهذا القدر من الفخامة لابد وأن يستحق مراقبة خاصة ورعاية أمنية استثنائية، فقد تم تصميم النظام الأمني ليتكون في مباني مرفأ البحرين بصفة رئيسية من أقوى ثلاثة عناصر أمنية حديثة، وهي كاميرات المراقبة الدقيقة، والتحكم في الدخول، والاتصالات الداخلية. ويعتمد نظام التحكم في الدخول على تكنولوجيا البطاقة الذكية المبرمجة في مستويات أمنية قوية.

ولم يُغفل تصميم المبنى برامج "إدارة الطاقة" التي تقف على رأس اهتمامات البلدان المتقدّمة، إذ يحتضن برامج إدارة طاقة تتقن عملها في ترشيد وتوفير كمية كبيرة من الطاقة الكهربائيّة، مستخدمة تقنيات حديثة عالية المستوى للتحكم في الإضاءة من جهة، واستخدام هواء التكييف الخارج من المبنى لتبريد غرف توزيع الهواء والماء من جهة ثانية. وكإجراء أمني إضافي ضد أي مشكلة تؤدي إلى انقطاع الكهرباء في هذا المبنى الحيوي الثمين، تعتمد شبكة التوزيع الكهربائي في المباني بالإضافة إلى التيار القادم من محطة التوزيع الحكومية، على منظومة من محولات الطاقة الاحتياطية ذات السعة العالية مما يضمن توفير الكهرباء لتلبية الحاجات الأساسية للمكاتب عند انقطاع مصدر الكهرباء الرئيسي، بالإضافة إلى تشغيل نظام التبريد الطارئ في مختلف أجزاء المشروع.

– زينب البحراني

zainabahrani@gmail.com

الصوره من www.hic-mena.org

0 Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You May Also Like