دون أن يأبه بأحد، دخل "سعيد" أبن ال24 عاماً غرفته قادماً من عمله، رمى حقيبتة وثيابه على سريره منطلقاً بسرعة خارج المنزل. في مكتب لتأجير السيارات، كان يُفاوض "سعيد" صاحب المكتب على سعر الإيجار اليومي لسيارة سيستأجرها لمدة ثلاثة أيام، ومطلوب منه شهادة رخصة القيادة مع دفع ضمان مالي.

لتأجيرها أسباب وأسباب

إنتشرت ظاهرة تأجير السيارات بشكل كبير في دول الخليج مؤخراً لعدة أسباب، تتعلق معظمها بحب الفضول لدى الشباب لتغيير سياراتهم التي سئموا منها، أو لتغيير المظهر الخارجي في عصر تسيطر عليه ثقافة الإستهلاك، وبالتالي التمظهر أمام الأصدقاء، أو قضاء أوقات مع الصديقات على متن سيارات حديثة جميلة فاخرة سريعة قد تروي الغلّ كما يُقال، والأهم أن تكون السيارة رياضية شبابية بإمتياز.

ومن جملة الأسباب أيضاً، قد يكون لإستئجارها منافع معينة، ولا سيما إذا كان الشخص في حالة لا تسمح له إلا بالإستئجار ضمن فترة محددة ملزمة بالنسبة له، فقد تكون سيارة أحدهم في ورشة التصليح أو في الحجز لدى هيئة المواصلات نتيجة مخالفة مرورية أو لحاجات أخرى متعددة وتكثر فترات الإستئجار عموماً أثناء المناسبات سواء الدينية أو الوطنية أو حتى العائلية مثل حفلات الزفاف أو قضاء عطلة نهاية الأسبوع، وهذا كله ضمن إطار التشويق والمتعة والحماسة، لكن رغم ذلك يبقى الهدف المشترك الغالب على هذه الأسباب متعلق بالمتعة والترفيه.

"سعيد" شاب من ضمن مجموعة شباب لديه معلومات كافية عن مكاتب تأجير السيارات، ويعلم مسبقاً ما هو مطلوب منه قبل أن يقدم على خطوة الإستئجار، أي يجب عليه أن يفحص السيارة مسبقاً، ويتأكد من خلوها من أي خدوش حتى لا يبتلي فيها كما يقول، وهو بذلك لديه علاقات جيدة مع أصحاب المكاتب، والآن يتصفح أحد المواقع الإعلانية عسى أن تعجبه سيارة جديدة ينوي إستئجارها بعد أن باع سيارته إثر تعرضها لحادث خفيف، وتكفُّل شكرة التأمين بالأعباء. ففي هذه الفترة الفاصلة بين بيع السيارة وشرائها، لن يكون "سعيد" قادراً على السير وقضاء مشاويره دون سيارة، فهو تعود عليها كأي إنسان يقيم في دبي، فهي بمثابة الرجلين كما يعبّر

حتى إن أسعار السيارات تختلف، لكن بنظرة سريعة على إعلاناتها، سواء عبر المواقع الإلكترونية أو من خلال الإتصال المباشر مع هذه المكاتب، سنكتشف أن أسعارها تبدأ ربما من 50 درهماً إماراتياً لليوم الواحد فصاعداً حسب نوع السيارة، فالأمور ميسرة، وهذه المكاتب تضمن للزبون أقل الأسعار كما تعلن عبر توفيرها من أفضل الموردين، ويمكن الحجز عبر الهاتف، لكن تبقى مسألة الحوادث هي الجانب المؤسف في هذه القضية، وقد يكون لهذا الموضوع إشكاليات تتعلق بمواضيع أخرى، لكن يجب العلم بأن هؤلاء الشباب الذين يستأجرونها في غالبيتهم لا يستشيرون أولياء أمورهم.

لمكاتبها شؤون وشجون

في المقابل، يتحمل أصحاب مكاتب السيارات الكثير من المسؤوليات، فها هو "علي الظاهر" صاحب أحد هذه المكاتب يُخرج من درج طاولته نسخة من الصحيفة الإماراتية "الإمارات اليوم" اليومية، التي تعود إلى تاريخ مايو 2011، ليقرأ خبراً جاء فيه: "85 مكتباً تواجه الإفلاس نتيجة تراكم المخالفات المرورية التي يرتكبها مستأجرون، إضافة إلى سرقة السيارات المستأجرة بأساليب متنوعة". ولا يخفي "علي" تذمره من العواقب التي تلحق بمهنتهم.

فكما هو واضح، تلك العلاقة التي تربط بين المؤجر والمستأجر، فعندما يرتكب المستأجر مخالفة مرورية ما، يتهرب منها، ليلاحقه صاحب المكتب، لكن دون جدوى، مثل ترك السيارة في مواقف والمغادرة دون سداد المستحقات الواجبة سدادها، أو سرقة السيارة كما هو مذكور، أو بخروجها من الحدود، وكثيرة هي الأسباب التي توردها الجهات المختصة في دبي بشأن هذه المسألة.

الإشكالية تتعلق بمدى الحاجة إلى إرواء فضول الشباب في التمتع بقيادة سيارة حديثة، وهو ذلك الشعور الباعث على الفخر في إستئجار سيارة "همر" مثلاً، والتمتع بإطلاق زمورها وإشاراتها الضوئية، وهي تلك الحالة التي تصيب الشباب بالنشوة في رحلة وعوالم مليئة بالمغامرة دون إحتساب الخسائر الناجمة والخطرة للغاية.

مجتمع السيارات

وللسيارات عالمها الخاص، ولمن لا يعرفها، سيتوه في ثناياها المعقدة، وهو بذلك وفي نفس الوقت لا يحتاج إلى الكثير من الوقت حتى يأخذ تأشيرة الدخول ثم الإقامة في مجتمع السيارات، إن جاز القول، التي بدأت تنافس مجتمع البشرية، وتستحوذ على مساحات شاسعة من البرّ على حساب صاحب الأرض، وبذلك صارت تطالب بحقوقها و إستقلاليتها، فلم تعد الساحات الكبيرة والمواقف تكفيها، بل تحولت هذه السيارات إلى أشباه البشر في الكثير من المطالبات. أما "سعيد" فلديه موعد مع أحدهم، بعد أن قرأ إعلاناً عن بيع سيارته، سيلتقيه في مكان ما، عسى أن يشتري سيارة هذه المرة، فالأشهر الثلاثة التي قضاها بدون سيارة أرهقته مادياً وفكرياً، فصحيح أن متعة التنوع في إستئجار السيارات جميلة ومثيرة، لكن تبقى السيارة الشخصية أهم، كوننا نستطيع أن نكيّفها ونعدلها ونركبها ونشعر بها حسبما نشاء، كما يقول.

آلجي حسين –
Alchy1984@hotmail.com

الصوره :www.autounleashed.com

0 Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You May Also Like