لكونه أحدث نقلات مؤثرة في مشهد هوليوود التنافسي سرعان ما أثبت محمد التركي أنه منتج وممثل طموح ومحب لهذه الصناعة، وقد ولد في المملكة العربية السعودية وتلقى تعليمه في لندن، وقد جاءت دعوته إلى إنتاج فيلم لتنقله إلى هوليوود وهناك تمكن من شق طريق حياته العملية.
جاء فيلم محمد الأول ليحمل عنوان "الإمبرياليون مازالوا على قيد الحياة" وكان بطولة الممثلة الفرنسية إلودي بوشيز ليحوز على "الاختيار الرسمي" في صاندانس 2010 وفاز كذلك بجائزة "أفضل فيلم" في مهجران وارسو للأفلام والمهرجان الآسيوي الأمريكي للأفلام، أما فيلمه الثاني فكان بعنوان "السلب" وقام فيه بتمثيل دور البطولة، وهو عبارة عن فيلم رعب مستند على قصة واقعية ويحكي مجموعة من الشباب المحتجزين في مصحة عقلية وقد زودت بكاميرات دائرة تلفزيونية مغلقة من أجل تصوير كل حركة لطاقم العمل، ومن الجدير بالذكر أن الفيلم سيكون جاهزا للعرض في خريف عام 2011، أما مشاريعه الأخيرة فهي "المتاجرة" ويجمع مجموعة كبيرة من النجوم من بينهم ريتشارد جير وسوزان ساراندون وتيم روث ونجم صاندانس بريت مارلينج والفرنسية الرائعة لايتيتا كاستا، إضافة إلى الفيلم الوثائقي المؤثر "التحول" والذي يركز على قضية انتحار المراهقين في الولايات المتحدة الأمريكية، ويرويه جيمس فرانكو ويخرجه لاسي دورن، وأخيرا المشروع الأحدث الذي أعلن خلال هذا العام في مهرجان كان السينمائي وهو فيلم "رامين بحراني" من بطولة دينيس كوايد وزاك إيفرون.
تمكنت خليجسك من التوجه إلى كواليس حياة محمد التركي العملية من أجل اكتشاف المزيد حول ما يتطلبه الأمر للنجاح في صناعة أفلام هوليوود.
كيف تمكنت في البداية من الدخول إلى هذه الصناعة؟
لطالما أحببت السينما، وقد درستها أثناء دراستي الجامعية في لندن وقد عشت لأجلها ومع هذا لم أتخيل أبدا أن أتخذها كعمل دائم، حيث كانت بالنسبة لي من الأحلام البعيدة المنال، وفور تخرجي عملت في شركة للنفط والغاز وقمت بإجازة خلال إحدى السنوات وتقدمت إلى زينا درة وهي مخرجة أفلام موجودة في بريطانيا، وبعد فترة وجيزة بدأنا العمل معا على مشروعي السينمائي الأول وهو "الإمبرياليون مازالوا على قيد الحياة" وسرعان ما قفزت إلى هذا المجال وبدأت رحلتي من حينها.
لكونك سعوديا، هل كان من السهل أو الصعب قبولك في المشهد الإعلامي الغربي؟
أشعر بعميق الفخر بتراثي وأفاخر لكوني سعوديا، ولكن نعم كان ذلك تحديا أمام إثبات وجودي في هوليوود، في بعض الأحيان يشعر الناس بحالة من الصدمة الغريبة حينما أخبرهم إلى أي دولة أنتمي، وقد قابلت شخصيات كبيرة ذات تأثير في صناعة الأفلام والسينما وفي الموضة والموسيقى أيضا وبعض منهم أصبحوا من أصدقائي المفضلين ولكن في كل وقت وباستمرار أعاني من ذلك الذهول الصادم، حيث يرمقونني بنظرة من الدهشة والإحباط لكوني سعوديا على الرغم من كوني مبدعا وغربي الطابع ولدي معرفة بالتراث السينمائي، وهذا الأمر مذهل بالنسبة لهم لأنني (من وجهة نظرهم) رجل عادي.
ولكن أود القول بأن القبول يزداد بصورة أساسية مع الارتباط ولدي أصدقاء كثر في هوليوود وتراثي دائم التميز بالتجديد والإبداعية، والأمر يتعلق بوجهة نظر الشخص مع اختيار العمل بصورة إيجابية وإحراز التقدم بما نقوم به من عمل وهذا هو الفخر الحقيقي.
كيف كانت تجربة الإنتاج في هوليوود بالنسبة لك؟ هل من نصائح تقدمها لمنتجي الأفلام الصاعدين؟
كانت التجربة رائعة ومتقدمة، حيث حضرت العديد من المهرجانات وأتيحت لي الفرصة لمقابلة عدد من صناع السينما المتميزين ومشاركتهم بعض الأفكار والمفاهيم، وعملت أيضا عن كثب مع عدة جمعيات خيرية وأكثرها تضافرا للجهود هي جمعية "السينما من أجل السلام" وهي بمثابة مبادرة رائعة لجمع التبرعات وزيادة الوعي تجاه من تأثروا بالحروب وسوف أستضيفهم خلال مهرجان جولدن جلوب في يناير المقبل، وقد سمحت لي أعمالي ومنتجاتي بالعمل مع عضو لجنة التحكيم في مهرجان كان إلودي بوشيز والحائزة على جائزة أوسكار سوزان ساراندون وأسطورة هوليوود ريتشارد جير والعديد من الشخصيات الأكثر إلهاما، وكانت تلك التجربة الأروع في حياتي والأكثر نفعا.
أيضا أشعر بالإثارة حول الفيلم الوثائقي القادم ضمن أعمالي إذ سيقوم جيمس فرانكو بروايته ويحمل عنوان "التحول" ويتناول قضية حياتية واقعية ومهمة، والشيء الرئيس بالنسبة لي وهو أنني أحب الأفلام التي تقدم لتزيد الوعي بالقضايا الواقعية وتتمحور حول قضية أصيلة، أما بالنسبة للمنتجين الصاعدين فإنني أقدم لهم بعض النصائح منها عدم العمل على المشروعات السياسية وفي الوقت الحالي وفي هذا العصر تحديدا أعتقد أنه من الحكمة الالتزام بالواقعية والقضايا المهمة.
ما نقطة الانطلاق بالنسبة لك؟
أنا أقدر وأحب جميع أفلامي وأعمالي على أصعدة متساوية وبالتالي فيمكني القول بأنه كان لدي نقطتا انطلاق في كل خط من خطوط العمل، الأولى كانت حينما وقفت على خشبة المسرح في لوس أنجلوس مع الممثلة والصديقة ميشيل رودريجز لتقديم فيلمي الأول "الإمبرياليون مازالوا على قيد الحياة" أمام الجمهور المدعو خلال العرض الأول في الساحل الغربي، أما الانطلاقة الثانية فكانت باستضافة حدث "راعي البحار" في مهرجان كان وقد جاءت سفينة ستيف إيروين إلى مدينة كان من أجل حضور المهرجان وتمكنا من جمع التبرعات لاستكمال عملها الرائع من أجل البيئة، وقد حققت بفيلمي الأول الفوز في ثلاثة مهرجانات سينمائية في فئة أفضل فيلم، وكانت تلك سلسلة أخرى من اللحظات المهمة والرئيسة بالنسبة لي وكذلك إعلام مشروع رامين بحراني خلال مهرجان كان السينمائي هذا العام وسيكون من بطولة زاك إيفرون.
ما مشروع أحلامك؟ و ما فريق العمل الذي تحلم به؟
مشروع أحلامي هو عمل مع ستيفن سبيلبيرج أو مارتين سكورسيس أو كريستوفر نولان مع طاقم من النجوم منهم جاك نيكلسون وماريل ستريب.
هل لديك خطط لإنتاج مشروعات حول أو في المنطقة العربية؟
ليس في الوقت الحالي، حيث أن مشروعي الأول وهو عبارة عن كوميديا ممزوجة بالسخرية السياسية وهو مرتبط ثقافيا وحضاريا بالمنطقة العربية من خلال تراث الشخصية الرئيسة وهي فتاة فرنسية ذات أصول شرق أوسطية (فلسطينية وأردنية وبوسنية) وتعيش في مدينة نيويورك عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وهذا يعد موضوعا أو قضية قريبة إلى حد ما وتمثل العديد من الشخصيات في منطقتنا العربية، وهي كذلك بمثابة إطلالة كما هو الحال مع معظم الأفلام ذات التلميحات السياسية /الثقافية القوية، على سبيل المثال، دار فيلم ميرال، الذي أخرجه المرشح لجائزة أوسكار جوليان شنابيل، حول القضية الفلسطينية وكان فيلما متحيزا للعرب بصورة خاصة، وقد حمل رسالة قوية واجتمع فيه فريق عمل رائع على رأسهم فريدا بينتو صاحبة فيلم "Slumdog Millionaire"، ولكن عرض الفيلم في دور عرض محدودة في مدينة نيويورك ولوس أنجلوس، و سرعان ما اختفي في لمح البصر على الرغم من الاهتمام الصحفي والإعلامي الذي أحاطه إلا أنه بقي إطلالة، وأود الآن التركيز على الأمور الجاذبة إعلانيا تجاريا والوصول إلى مستوى التأثير حيث أتمكن من إنتاج ما أريده وكذلك اجتذاب الوعي التجاري.
ماذا تقول للناس الذين يسعون ويفكرون في العمل في مجال الإنتاج السينمائي؟
هذا عمل رائع ولكن يجب دوما توفير خطة بديلة، وهي إستراتيجية خروج سريع وآمن، وعلينا أن نكون انتقائيين تجاه مشروعاتنا وكسب صداقة الجميع في هذا المجال حيث أن شبكة العلاقات هي العامل المؤثر.
ما رأيك حول صناعة السينما في المنطقة العربية؟ وكيف يمكن تطويرها إلى الأفضل؟
بالتأكيد هناك مستقبل واعد أمام صناعة السينما في المنطقة العربية، حيث أن فيلم "مدينة الحياة" أحد مميزات دبي ذات الاتجاه العام الممكن تمييزه وقد تمكن من كسر كافة الحواجز من وجهة نظري ويعد علي مصطفى – مخرج الفيلم – مثالا رائعا على ما يمكن لهذه المنطقة إنتاجه فيما يتعلق بالموهبة، وأعرف الكثير من دارسي السينما في كافة أنحاء الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج والذي يحرزون نقلة مؤثرة للغاية، وتنظم المهرجانات السينمائية العالمية في كافة أنحاء المنطقة مما يجذب الانتباه إلى الشرق الأوسط وما يمكن لهذه المنطقة تقديمه.
– فريق خليجسك
