عبد المحسن الهاشم هو أحد المخرجين الكويتيين من الشباب الواعدين، وقد أثبت نجاحا حينما أصبح الفيلم الذي أعده كمشروع تخرج جامعي واحدا من أفضل الأفلام في الكويت، وقد أصبح هذا الفيلم "كويت العز" أحد أكثر الأفلام مشاهدة على نطاق محلي، وقد انتشرت شعبيته على نطاق الدولة وكانت بدايته عبر الإنترنت ثم تم عرضه في دور العرض في جميع أنحاء البلاد.

تحدثت خليجسك إلى الهاشم حول طريقة دخوله إلى الصناعة وطموحه المتزايد، وقال: "وفق طموحاتي فإنني أسعى إلى النجومية والوصول إلى القمر والنجوم أكثر من الطموح للوصول إلى السحب أو السقف" وسوف نتعرف على طريقة القيام بذلك.

ما الذي يميز اهتمامك بالإخراج؟                                                  

بعد التخرج من المدرسة الثانوية قبل الوصول إلى سن السادسة عشر لم أستطع الالتحاق بكلية الطيران في القطاعين التجاري والعسكري وذلك بسبب تدني النتيجة، ولم يكن ذلك بسبب حبي للطيران حيث كرهت الطيران في الواقع ولكن كنت أخشى القيام بوظيفة روتينية يومية في مكتب خلف الطاولة، ومن دون الكثير من الحماسة أصبحت الجامعة هي السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة.

في العام الجامعي الأول درست مقرر لغة إنجليزية وكنت أعتبره التخصص الرئيسي، وقد أعطانا الدكتور فرضا منزليا هو كتابة مقال حول الإعلام الغربي وتصويره للعرب، وللعرض النهائي كان علينا استخدام بعض من أشكال وسائل الإعلام وعرض مشروعاتنا (من خلال باوربوينت أو الموسيقى أو المجلات أو الأفلام المصورة).

اخترت الوسيلة الأخيرة حيث أنني كنت قد اشتريت جهاز ماك وكنت أتلاعب ببعض برمجيات التحرير والمونتاج والتي كانت بسيطة إلى حد ما، و قد لاقى العمل استحسانا كبيرا إلى حد التصفيق الحاد والدموع من  زملاء الصف الدراسي بعد الانتهاء من الفيلم، لدرجة أن  بعض الطلاب تبعوني إلى سيارتي ولم أكن قد تحدثت إليهم من قبل ولكنهم كانوا يعبرون عن مدى إعجابهم وتأثرهم بالفيلم!

منذ ذلك الحين بدأت إعداد الأفلام ولكن بصورة أكثر جدية، وكانت تلك هي المرة الأولى في حياتي والتي أقوم فيها بأمر ذي أهمية، وبدأت التعلم والممارسة بأكبر قدر ممكن، وكل لحظة فراغ أتيحت أمامي استغللتها في تعلم كافة الأشياء التي تتعلق بالجوانب الفنية من صناعة الأفلام وتاريخ الفن، وهو نوع الفن الذي لا نهاية له ودائم التغير وغير محدود فيما يتعلق بحدوده، ولهذا أحببت صناعة الأفلام لهذه الأسباب.

متى وكيف حصلت على أول فرصة إخراجية كبيرة؟

علي القول بأن ذلك كان في عام 2008 أثناء الانتخابات البرلمانية الكويتية، وهذا اليوم أعتبره هو الخبرة الأكثر تحديا في حياتي، حيث اشتركنا أنا وصديقي ركان العتيبي في إعداد إعلان وحدنا بهدف معرفة إمكانية التنافس في العالم الواقعي، وكانت النتيجة هي العمل لأيام على مدى 19 ساعة يوميا لمدة شهر للقيام بكل شيء بدءا من التصوير والمونتاج وإعداد حقوق النشر إلخ، وكان ركان يمول كل شيء كما ساعدني على صياغة العقود القانونية نظرا لإتقانه هذه الأمور بصورة خاصة.

 من خلال هذه التجربة التي قمت بها تعلمت الكثير حول الجوانب القانونية والإبداعية والرسمية لصناعة الأفلام والتي لا يمكن تعلمها من الكتب أو المنتديات أو الحوارات، وهذا منحنا الاحترام والدافعية الهائلة من العملاء عند التوجه لحضور الاجتماعات أو تسويق الإعلانات، وبعد الانتهاء منها عملنا على تسويقه لأحد العملاء وتم أخذه بصورة فورية، وأصبح الإعلان الأطول في حملة عضو البرلمان مرزوق الغانم، وحتى الآن لايزال البعض  يتحدثون معي حول الإعلان.

ما الذي يلهمك باعتبارك مخرجا؟ وماذا تريد تقديمه في أفلامك؟

لكوني شخصا مهتما بالتاريخ؛ فإنني أعتقد أنه يجعلنا مثقفين وناشطين سياسيا حتى ضمن الحدود، وأود ذكر تلك العناصر عند الانتهاء من شيء ما ومقارنته مع الماضي والحاضر على حد سواء.

الأفكار والإلهام تأتي مرات عدة خلال اليوم، وفي بعض الأحيان يمكنني قضاء أسابيع محاولا التفكير في شيء جديد، ولكن كانت دائما تلك الأفكار الصغيرة التي كانت تدور في رأسي حتى يقول شخص ما كلمة ما أو يقوم بأمر ما أو أرى شيئا ما أمامي وعندها يأتي الإلهام.

كيف أثر فيك الفوز بمسابقة الوطنية للأفلام؟ هل تشعر بردة فعل كبيرة من المجتمع؟

بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية أسست شركة مع شركائي وأسميتها أفالايت، وبدا موضوع مسابقة الوطنية للأفلام ضمن نفس الفئة التي كان موضوع فيلمنا التالي يدور حولها؛ وبالتالي شعرنا بعدم وجود ضرر في الاشتراك في المسابقة، وكان من المفترض أن يكون مشروعا صغيرا وهو عبارة عن فيلم ممول من قبلنا للاحتفال بالذكرى 20/50 وأن يكون مشروع فيلمنا الأول.

ولم أتوقع أبدا أن يحصل الفيلم على ردود الأفعال أو النتائج الباهرة التي حدثت؛ حيث حصد 30.000 تعليق خلال 4 أيام، ولا يمكن تخيل عدد الاتصالات الهاتفية من الأصدقاء والأسرة، واعتقدت أن الأمر سوف ينتهي  عند هذا الحد، حتى بدأت أقرأ في أحد مدوناتي المفضلة أن الناس كانوا يعتقدون أن الفيلم إعلانا لشركة الوطنية للاتصالات والبعض قالوا عنه إنه الأفضل في الموسم، وبعد يومين علمنا أن شركة الوطنية كانت على إطلاع على تلك التعليقات، وحدث أن مندوبيها وممثليها قاموا بالاتصال بنا للاجتماع بهم من أجل طلب استخدام الفيلم كإعلان تلفزيوني وفي الاحتفاليات الوطنية، ومع نهاية الاجتماع وافقنا على الطلب.

وأصبحت الوطنية للاتصالات هي أول عميل رسمي لشركة أفالايت لإعلان وطني مدته دقيقتان وهذه كانت بداية جيدة إلى حد كبير.

ما وضع المخرج في ثقافة لا تقدر دور الإخراج مقارنة بالدول الأخرى؟

 سأجانب الحقيقة لو قلت إنني لم أحاول إخفاء الشغف الحقيقي والكبير الذي كنت أسعى إليه عند بداية العمل في هذا المجال، حيث انتابني ذلك الشعور بأن العمل لم يكن مقبولا في الوسط الذي كنت أعيش فيه لأكون جزءا مما أنا مقبل عليه وهو صناعة الإنتاج الإعلامي، ولهذا السبب احتفظت بهذه الحقيقة لنفسي وأخفيتها عن الآخرين ولم أناقشها البتة مع أي شخص خارج قاعات المحاضرات الجامعية وهذا يفسر اندهاش الجميع عند رفع فيلم كويت العز على صفحات الإنترنت.

ولكني مازلت أرى صعوبة في  أن أطلق على نفسي لقب مخرج أو حتى تسميتي كذلك من قبل الآخرين، ولا أعتقد أنني أشرت إلى نفسي من قبل في أي حوار بوصفي مخرجا، وذلك ربما بدافع الخوف مما قد ألاقيه، وأنا غير متأكد فعلا ولكنني أثق تماما وأشعر بالارتياح عند قول "لقد صنعت فيلما" أو "لقد أخرجت فيلما".

أي من المخرجين تتطلع إليهم؟

طريقة إخراج ريدلي سكوت ونظرته الأصلية هما الأفضل لدي في الوقت الحالي حيث يقدم الجماليات السينمائية الأكثر حرفية وإدراكا وينفذهما بالطريقة التي تجعلهما يبدوان كتوقيعه الخاص المطبوع على كل أفلامه.

على الجانب الآخر، يعتبر أورسون ويليز صانع الأفلام الوحيد الذي طالما جذبتني بالفعل أساليبه الفريدة وتوجهه في صناعة الأفلام، و يعد ذكاؤه وإبداعه غير المسبوق في إبداع زوايا الكاميرا غير المألوفة وكذلك خدعه من الأشياء التي أعجب بها حتى يومنا هذا، وأقول كذلك لأصدقائي عندما أوصيهم بمشاهدة "Citizen Kane" إنه يشبه فيلم منتج في الوقت الحالي على الرغم من كونه مصورا بالأبيض والأسود ولكن قصته في غاية الروعة والجمال.

ما أفلامك المفضلة؟

 "Gladiator" و"Blade Runner" هما من الأفلام التي يمكنني مشاهدتها مرارا وتكرارا دون الشعور بالملل أو أنهما ينتميان إلى الزمن الماضي، وبالنسبة لي يمثلان علامتين بارزتين في زمنيهما في عدة نواح، ولكن فيلم "Citizen Kane" هو فيلم أعجب به ليس فقط بسبب محتواه ولكن أيضا بسبب القصة التي تقف وراء إنتاجه.

وما النصيحة التي تود تقديمها إلى المخرجين القادمين؟

أنا واحد من  تلك الفئة بحسب ما أرى نفسي، ولكن هناك نصيحة قدمها لي أستاذي الجامعي مباشرة بعد التخرج وهي: "عليك صنع ضوضاء يسمعها الآخرون وحينما تشعر بأنك متأكد تماما أنه الوقت المناسب عليك الصراخ بشدة".

حدثنا عن مشروعاتك المستقبلية التي تعمل عليها؟ وهل هناك أي شيء ننتظره منك في القريب العاجل؟

في الوقت الحالي أمامي مشروعان مؤكدان وهما أكبر من أي شيء كنت أمثل جزءا منه من قبل، وأعتقد أنهما من أكبر المشروعات الطموحة التي سيشاهدها الناس عما قريب، ولكن لا يسعني قطع أية وعود بخصوص وقتهما أو موضوعهما ولكننا نعمل في الوقت الحالي على مدار الساعة على المشروعين ولا يمكننا أن نشعر بالمزيد من الإثارة حولهما.

– فريق خليجسك

0 Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You May Also Like