تصوّر رجلا يلبس الثوب و الشماغ مغطى بالرمان. الخلفية من وراءه لها أيضا نفس التصميم. يتوقف المارة عند الكلية الملكية للفنون في المملكة المتحدة ليحدقوا في النصب الفني الغريب المدعو "صورة ذاتية كرمّانه". يعرض الرجل على شاشة رقمية، مع عدد من الرمانات على الأرض، بعضها ساكن و بعضها يدور في مكانه. حقق النصب نجاحا مبهرا من خلال جمعه للعالمين الرقمي والفعلي ببراعة لخلق واقع يخاطب قضية انعدام تمثيل الإناث ونضالهم من أجل المساواة.
الفنانة خلف هذا النصب هي عهد العمودي، القاطنة في جدة. كجداوّية زرقاء قلبا و قالبا، تنظم عهد البالغة ٢٧ عاما إلى مجموعة صاعدة من الفنانين السعوديين الذين يبثون الأفكار والقيم المتأصلة في المجتمع السعودي للعالم بأكمله من خلال أعمالهم.
الإلهام من خلف النصب جاءها من أغنية للشاعر الكويتي عبد الحميد السيد، "هيلا يا رمّانه،" والتي على الرغم من بلوغها ما يتجاوز الخمسين عاما لا زالت حاضرة في ثقافة المجتمع العربي الحديث.
بدأت رحلة عهد مع الفن في طفولتها، والتي أمضتها محفوفة بالفن بفضل والدتها الفنانة الأخرى و مدرسة التربية الفنية. لأن والدتها كانت تصنع الأعمال الفنية على الدوام، كان دائما ما يتوافر لدى عهد ما يحلو لها من الأدوات والمواد الفنية التي دغدغت طموحها وأثارته.
"بدأت أشارك بالمسابقات بعد تخرجي من المدرسة و من حينها و أنا أعرض أعمالي محليا و عالميا،" تقول عهد. بعد تخرجها، قامت عهد بدراسة التصميم الجرافيكي في جامعة دار الحكمة في جدة و من ثم حصلت على الماجستير في الفنون الجميلة من الكلية الملكية للفنون في لندن.
دائمة التنقل بين لندن والسعودية، تقوم عهد بترجمة ترحالها من خلال أعمالها. أسلوبها المنوّع في الفن يربطها بالعديد من السعوديين الذين مثلها تماما يمسكون ثقافتهم في يد، و يمسكون انفتاحهم على العالم من خلال الإنترنت في اليد الأخرى. وفقا لعهد، فإن أكبر مصدر إلهام بالنسبة إليها هو حياتها والمجتمع الذي يحيط بها.
على الرغم من أنها تقوم بخوض تجارب فنية مع مختلف المواضيع، إلا أن عهد معروفة من خلال أعمالها التي تجمع بين الحرفية السعودية التقليدية والنصب الفنية، وتلجأ للفكاهة للتعبير عن قضايا جدية في أعمالها في بعض الأحيان.
أشهر الأمثلة على ذلك هو نصبها الملقب ب "أرض الأحلام". قامت عهد بعرض صور لإحداثيات موقع معين على حسابها الشخصي في الإنستجرام، و طلبت من متابعيها أن يتبعوا التعليمات ليشاهدوا أحدث أعمالها. عندما وصل الناس إلى "أرض الأحلام،" اكتشفوا صحراء جرداء خاوية من كل شيء سوى "الأحلام،" عدد هائل من قصاصات عملاقة على شكل المغنية الإماراتية أحلام الشمسي!
كما في طفولتها، لا زالت عهد محاطة بالفن في وقتها الحاضر. إنها حاليا محاضرة لدى قسم التواصل المرئي في جامعة دار الحكمة. تقضي نهارها في التدريس ومسائها في العمل على فنها.
متكلمة عن التحديات التي واجهتها، تقول عهد: "عندما بدأت، كانت معظم تحدياتي شخصية. ضعف ثقتي في أفكاري وتجسيدي لها من خلال أعمالي، على سبيل المثال. نظرة الناس وردود أفعالهم لا زالت مصدر صراع بالنسبة لي، لكنني تعلمت أن أقدر ذلك."
على الرغم من أن عملها قد يتوافر بشكل رقمي فحسب في بعض الأحيان، إلا أنه دائما ما يكون نتيجة جهود جبارة. تبدأ العملية عندما تأتي عهد بفكرة أو مفهوم، يتبع ذلك بحث جاد في المفهوم نفسه وفي المواد الفنية اللائقة للتعبير عنه. أخيرا تبدأ مرحلة الإنتاج، والتي قد تستغرق ما بين عدة ساعات إلى عدة أشهر بحسب العمل الفني. "مرحلة الإنتاج هي مرحلتي المفضلة. إنه لمن الممتع أن تشاهد أفكارك تبث فيها الحياة وتتحول إلى كائنات واقعية من حولك،" تقول عهد. "أقول هذا على الرغم من أن معظم أعمالي رقمية، مما يجعل واقعيتها و وجودها أمر قابل للجدل."
عندما سألناها عن ما يمكننا إنتظاره منها في المستقبل، أخبرتنا عهد أنها ليست متأكدة بعد. "معظم أعمالي تعتبر تصورات عن مستقبلنا الإجتماعي. و لكن لكونك قريبا جدا منه، يكون صعبا عليك أحيانا أن تتصور مستقبلك الخاص،" تقول عهد. "المزيد من الفن – قد تكون تلك إجابة دبلوماسية لكنها واقعية على أقل تقدير."
https://www.instagram.com/ahaadalamoudi/
كلمات محمد مرزا
الصور عهد العمودي