عندما تدخل إلى وايلد كوفي بار في الكويت، ستشعر و كأنك دخلت إلى كوخ في غابة ما، ستبحث عيناك عن مدفئة، لكنك ستجد بدلها جدارا يتفجر بالبوسترات الملونة، و التي تحمل رسائل المساواة، الطيبة، والإيجابية.
لا يعرف معظم أولئك الذين يدوسون عليها داخلين أو خارجين من المكان أن الأرضية مصنوعة من ألواح خشب معادة التدوير قطعتها و بردتها ساره الرخيص. بعضها منقوشة برسائل من ساره، تصف فيها ما تمنت من المكان و المجتمع الذي تشكل في داخله أن يكون.
افتُتح وايلد كوفي بار رسميا من قبل ساره الرخيص و ساره حمد الأميري و بدر السيد في ٢٠١٧ ببساطة بسبب حب السارتين للقهوة، حيث بدا لهما أن لا دافع أكثر مثالية من ذلك لافتتاح مقهى.
"أحب القهوة و شريكتي تحب القهوة ذ إنه أمر مضحك لأنه [بدر] لا يحب القهوة، و لكن هذا ما تحتاجه في مقهى، أليس كذلك؟" تقول ساره الرخيص، "لا يحتاج الجميع أن يكون من محبي القهوة، فالمقاهي لطالما كانت أماكن يتجمع فيها الناس ليناقشوا الأفكار و المفاهيم والتوجهات."
دخل بدر في الصورة متأخرا بعض الشيء عندما كان يتطوع في وايلد. طرح فكرة الانضمام إليهن كشريك ثالث، و وفقا لساره، انسجم في الموضوع و كأنما قد كان قطعة البازل المفقودة. معا، خلق الثلاثي مساحة يستطيع الجميع أن يجتمعوا فيها و يشعروا و كأنهم في بيتهم.
"إنه مكان لتجمع الجميع، الجميع مرحب بهم، و لا نستثني أحدا. عندما تدخل إلى وايلد، فإنك تصبح جزءا من العائلة،" تقول ساره الرخيص. "نجتمع هنا، ربما نلعب لعبة أو اثنتين، و ربما نناقش قضية مهمة، لكن في نهاية المطاف، الأمر كله متعلق بقضاء وقت ممتع."
و وقت ممتع هو بالضبط ما يحصل عليه زوار المكان. أثناء الأسبوع الأول من افتتاح وايلد، أتت "فتاة بدت متحفظة جدا" إلى المقهى، على حسب قول ساره الرخيص. كان والد ساره و بعض أصدقائها مستغرقين بلعب لعبة ما، محدثين الكثير من الضجة حولهم. التفت والد ساره إلى الفتاة معتذرا عن إزعاجها بصخبهم، فضحكت و أخبرته أنها لا تمانع، بل إن ضجتهم أشعرتها و كأنها جالسة في زيارة العائلة الأسبوعية.
عند سماع تلك الجملة، انتاب ساره الرخيص فخر كبير، لأن "هذا بالضبط ما أريد من الجميع أن يشعروا به هنا."
لأن ظاهرة القهوة المختصة ليست جديدة على الكويت، كان من اللازم على الثلاثي أن يجعلوا مشروع المقهى أكثر من مجرد القهوة التي تقدم داخله.
"سكان الكويت خبراء في مجال القهوة. إن لم تكن قهوة جيدة، فلن يشتريها الناس،" تقول ساره الرخيص. "و لكن إن كانت لديك قهوة جيدة، فما الذي تستطيع أن تعمل بها أكثر؟ أن تقدم القهوة الجيدة هو شيء جيد، و لكن إن استطعت أن تتجاوز السائد و تأتي بفكرة مبتكرة، فهذا شيء ممتاز."
بالإضافة إلى تقديم القهوة، يحاول الثلاثي خلف وايلد أن يقدموا شيئا أكبر من خلال المشاركة في النشاطات المجتمعية والعمل مع الجمعيات الخيرية المختلفة. فعلى سبيل المثال، قاموا بالتعاون مع اوكس أدفنتشر، منظمة مجتمعية مقرها الكويت، تنظم الرحلات التطوعية و رحلات المغامرة، فقامت وايلد بدعم المنظمة بكلا مشروعيها، و سافرت مع المنظمة لتقديم القهوة إلى الرحّالة في سفرهم.
يستطيع الرحّالة بعدها أن يزوروا مقهى وايلد في الكويت و أن يتناولوا كوب القهوة نفسه الذي تناولوه في ترحالهم و هم مستمتعين باستعادة ذكريات تجربتهم. "يتعلم بدر كيف يحب كل واحد منهم أن يتناول قهوته بالضبط، حتى إذا أتوا إلى هنا تعد لهم القهوة كما يفضلونها شخصيا،" تقول ساره الرخيص. "سأعد لك كوب القهوة نفسه الذي شربته لأول مرة في النيبال، و سأجلب لك تجربتك التي عشتها إلى هنا، مقدمة لك الفرصة لأن تعيش الأجواء التي عشتها بين الجبال مرة أخرى."
تمتلىء رحلات اوكس أدفنتشر بالتحدي و المجهود البدني، سواء أكنت تتطوع لترميم مدرسة في فيتنام أو تتسلق الجبال في النيبال. توفير ذلك الكوب من القهوة قد يعطيك القوة لمواجهة التحديات التي ستعترضك خلال اليوم، وفقا لساره الرخيص.
"عندما تقوم في الصباح و تشرب كوبا لذيذا من القهوة، تشعر و كأنك تستطيع مواجهة أي شيء،" تقول ساره الرخيص. "أشعر أن اوكس أدفنتشر تدفعك للبحث في أعماقك عن قوة لم تتصور أنك تمتلكها من قبل من خلال دفعك لفعل أشياء لم تعتد فعلها، و لذلك أشعر بأن يكون لديك هذه الرفاهية البسيطة من خلال تناول كوب جيد من القهوة هو أمر مهم و يحدث فرقا."
عندما يكون لدى أحدهم شيء ليشاركه، لا يتردد أصحاب وايلد في إعطائه الفرصة لعرضه أو الإعلان عنه في المقهى، وفقا لبدر. أسس خالد الرشيدي، أحد زبائن وايلد المعتادين، علامة تجارية، مانا اورتي، تدعم المساواة بجميع أشكالها و صورها. قام فرق وايلد بتعليق بوسترات للترويج للعلامة، و أعطوا خالد الفرصة ليقيم ركنا يعرض فيه مجموعة من التي شيرتات الخاصة بعلامته.
عندما ابتكرت لين المنديل و ريم التويجري لعبة "شنو"، كنسخة كويتية من لعبة تابو الشهيرة، قام أصحاب وايلد ببيعها و توفيرها لزبائنهم ليلعبوا بها في المقهى.
"هذه علامات تجارية نؤمن بها. نمد إليهم القوة لأنهم يمدون إلينا بمثلها. إنها علاقة تكافليه،" تقول ساره الرخيص. "إعطائهم الفرصة لعرض منتجاتهم هي طريقتنا البسيطة لخلق منصة يستطيع الناس من خلالها أن يتعرفوا على كل هؤلاء الذين يقومون بأعمال مذهلة في مجتمعنا."
كلمات ريهام العوضي