فيلم من إنتاج طالبة ماجستير الفنون الجميلة في التصميم يروي قصة تطور شجرة الزيتون لتصبح رمزا للصمود في الثقافة الفلسطينية
الحقيقة، أنه و بغض النظر عن الموضوع، فإن المحادثات مع النازحين – الذين أجبروا على مغادرة منازلهم أو مواطنهم بالقوة – تعود في النهاية إلى العوامل التي ساعدتهم على البقاء، أو حتى الازدهار و الصمود في مواجهة الشدائد، تلك الجوانب الصغيرة والمهمة من حياتهم اليومية و التي حافظت، وربما لا تزال تحافظ، على معنوياتهم مرتفعة وأملهم على قيد الحياة.
هذه العوامل، و التي غالبا ما تكون عادية، هي عوامل مهمة بحياتنا. وذلك لأنها تذكير ملموس بالأشياء غير الملموسة مثل الحياة الطبيعية والقدرة على التنبؤ، وكما يقول النازحون، بالأمان والسلام.
فيلم قصير من إنتاج وإخراج نعيمة منيف المجدوبة، طالبة ماجستير الفنون الجميلة في التصميم في جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر، يجسد الفروق الدقيقة والعواطف المرتبطة بهذا الجانب من الطبيعة البشرية. يحمل الفيلم عنوان "زيتونة"، وهو تصوير حساس لأهمية شجرة الزيتون في الثقافة الفلسطينية وتطورها لتصبح رمزا للصمود.
كان فيلم نعيمة المجدوبة جزءا من أطروحتها في دراسة الماجستير والتي جاءت بعنوان "زيتونة: تاريخ متجذر في ذكريات مقتلعة" حيث استكشفت أطروحتها العلاقة بين شجرة الزيتون والفلسطينيين المقتلعين من جذورهم من خلال "نسيج غني من الروايات التي تشمل العلاقة الجوهرية والأبدية بين الأرض وشعبها".
تتحدث نعيمة بإسهاب عن مصدر إلهامها في هذا الفيلم، وما يعنيه لها كشخص من أصول فلسطينية.
تقول: "خطرت لي هذه الفكرة ونمت بذرتها عندما تلقيت غصن زيتون من أحد أعمامي. والذي أرسل لي هذا الغصن من شجرة الزيتون المزروعة في الفناء الأمامي لمنزلنا في الأردن. لم تكن هذه الشجرة مجرد شجرة زيتون. بل كانت جزءا من الشجرة التي كانت مزروعة في منزل أجدادي، والتي بدورها جاءت من شجرة الزيتون التي كانت لدى عائلة والدي في منزلهم في فلسطين".
عندما غادر أجدادي فلسطين، كان غصن الزيتون هو الشيء الوحيد الذي أخذوه معهم إلى الأردن. زرعوه في منزلهم. ولذلك فهو غصن خاص من شجرة خاصة. إنه آخر صلة لهم – و الجذر الوحيد المتبقي – من وطنهم فلسطين".
يسرد هذا الفيلم قصة قصيرة، ولكنها مباشرة، وتضرب على وترٍ حساس بتصويرها البارع لكل من التاريخ والإنسانية.
يسرد منيف المجدوبة، والد الطالبة نعيمة هذه القصة باعتباره الراوي الذي يقارن بين شجرة الزيتون والقصص التي يحتفظ بها الفلسطينيون في قلوبهم.
و يقول: "قام والدي بزراعة شجرة الزيتون في منزله، في مكان يختلف في – التربة والمناخ والمياه – عن فلسطين. تكيفت هذه الشجرة مع الظروف الجديدة تماما كما تكيفنا. تعلمت الشجرة، مثلنا، أن تزدهر حيث تزرع، وأن تتكيف مع محيطها."
عندما تحدثت معي ابنتي نعيمة لأول مرة عن فكرة بحثها، لم أستطع إلا أن أفكر كيف عكست تلك الشجرة وثمارها حياتنا بأكثر من طريقة – من الخروج من منازلنا والاستقرار في مكان آخر، إلى تسخير قوتنا الداخلية ومرونتنا ليس فقط للبقاء على قيد الحياة ولكن الازدهار حيث نحن حاليا".
و في هذا السياق، تصف الطالبة نعيمة: والتي على أبواب التخرج بدرجة الماجستير في التصميم، كيف تساعد الرموز الملموسة والمرئية – مثل شجرة الزيتون وبذورها وثمارها – في تشكيل شعور غير ملموس بالمجتمع والتضامن بين الناس.
و تقول: "حب الأرض، في أبسط تعريفاته، هو الاهتمام بها والحفاظ عليها لأجيال. إن ارتباط السكان بالأرض التي عاشوا عليها لأجيال يسبق أي مفهوم عن الجنسية. ولهذا السبب نسأل دائما: " ما هي جذورك، أو من أين تأتي؟" – وكأن أطرافنا متشابكة مع هذه الأرض. ولهذا السبب أيضا نستخدم كلمة "اقتلعونا" عندما ننزح لأننا نسحب بالقوة من الأرض. لكننا لا نغفل أبدا عن الأرض التي كنا فيها ذات يوم، والتي لا نزال نحن إليها من بعيد ".
وتضيف نعيمه: "كل إنسان لديه ذكريات عن الوطن، سواء كان ذلك من خلال أشياء ملموسة أو غير ملموسة، ولكن الأمر يصبح أكثر صعوبة عندما يكون كل ما تعرفه ولديك عن هذا الوطن هو القصص التي نقلها الأسلاف إليك."
هذا هو السبب في أن فيلمي وأطروحتي يرسمان هذا التوازي بين البذور والقصص – فكما تمثل البذرة في الزيتون قلب الشجرة، فكل قصة تمثل جوهر الرابطة بين الأفراد وشجر الزيتون، ووطنهم".
وقد حظي الفيلم، على الرغم من أن عمره بالكاد ستة أشهر، باهتمام دولي. تم عرضه في باريس مؤخرا، في حدث بعنوان "التين والزيتون" نظمته (كلام أفلام)، وهي منظمة غير ربحية تعمل على تعزيز الفن والتصميم العربي الشاب.
وتضمن الحدث، الذي أقيم في بوينت إيفمير في باريس، أفلاما قصيرة وعرضا موسيقيا حضره أكثر من 200 شخص بما في ذلك أعضاء رئيسيون في مجتمع الفنون والثقافة العربية في باريس وخارجها.
وتقول نعيمة المجدوبة، الحاصلة أيضا على درجة البكالوريوس في تصميم الغرافيك من جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر، إن الدعوة التي تلقتها لعرض هذا الفيلم كانت نتيجة الدعم المستمر الذي تقدمه لها الجامعة.
و تشرح قائلة: "يعد هذا الفيديو مكونا إلزاميا في العرض الذي نقدمه عن موضوع رسالتنا في السنة الأولى من دراستنا لدرجة الماجستير في الفنون الجميلة. ولقد قمت بتطوير هذا الفيديو خلال دراسة مقرر الاتصالات المرئية. أرشدتني عضو هيئة التدريس هدير عمر، والتي قامت بتدريسنا هذا المقرر، والذي تمكنتُ بفضل نقدها السليم ودعمها المستمر وتشجيعها من إنتاج هذا الفيلم.
"بعد اكتمال الفيلم، نشرته الأستاذه هديرعلى موقعها الخاص للانستغرام، ومن هناك التقطت "كلام أفلام" الفيلم من خلال حسابها وتواصلت معي، وهكذا وصل هذا الفيلم إلى باريس. وبعبارة أخرى، كان شرف عرض فيلمي في باريس بفضل جهود أستاذة تؤمن بي وتشجعني".
نبذة عن جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر
تأسست جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر عام 1998 من خلال الشراكة مع مؤسسة قطر ، وهي فرع من الحرم الجامعي الدولي فرجينيا كومنولث في ريتشموند فرجينيا، وهو البرنامج المصنف في أعلى مرتبة بين برامج الفنون والتصميم في الولايات المتحدة. تقدم جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر للطلاب فرصة الحصول على بكالوريوس الفنون الجميلة في كل من تصميم الغرافيك، والتصميم الداخلي والرسم والطباعة، وعلى درجة بكالوريوس الفنون في تاريخ الفن، بالإضافة إلى ماجستير الفنون الجميلة في التصميم. تعمل جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر على غرس حب التعليم والفنون في نفوس الطلاب في مجتمع نابض بالحياة ليصل إلى العالمية.
نبذة عن مؤسسة قطر – لإطلاق قدرات الإنسان
مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع (QF) مؤسسة خاصة غير ربحية تدعم دولة قطر في مسيرة تحول اقتصادها المعتمد على الكربون إلى اقتصاد معرفي من خلال إطلاق قدرات الإنسان، بما يعود بالنفع على دولة قطر والعالم بأكمله. تلتزم مؤسسة قطر بتحقيق مهمتها الاستراتيجية الشاملة للتعليم، والبحوث والعلوم، وتنمية المجتمع من خلال إنشاء قطاع للتعليم يجذب ويستقطب أرقى الجامعات العالمية إلى دولة قطر لتمكين الشباب من اكتساب المهارات والسلوكيات الضرورية لاقتصادٍ مبنيٍّ على المعرفة. كما تدعم الابتكار والتكنولوجيا عن طريق استخلاص الحلول المبتكرة من المجالات العلمية الأساسية. وتسهم المؤسسة أيضاً في إنشاء مجتمع متطوّر وتعزيز الحياة الثقافية والحفاظ على التراث وتلبية الاحتياجات المباشرة للمجتمع.