يعاني الكثير من البشر اليوم في حياتهم بصور ودرجات مختلفة، ويظن البعض أن السعادة حلم بعيد المنال، ولكن هذا التصور من وجهة نظري ليس صائباً تماماً، فالمعاناة ضرورة من ضروريات السعادة ومكون أساسي من مكوناتها، فلولا شعورنا بالمعاناة لما عرفنا طعم السعادات الكبيرة وكما قيل وبضدها تتميز الأشياء.
إن المعاناة كانت ومازالت ملحاً للحياة ورونقاً لها، وأغلى مطلوبات الأغنياء وأسماءها، فقد قيل لأحد الأثرياء يوماً ، أين تجد المعاناة فرد بقوله تكمن المعاناة في غياب المعاناة، فعندما يصل الإنسان لمستو عال من الرفاهية يفقد القيمة تلك التي تلون الأشياء من حوله ، فيصل بفقدانها لما يسمى الملل الحياتي الذي يفقده الإثارة في الأشياء من حوله ولربما دفعه ذلك إلى الإنتحار، لذا رصدت أكبر نسب الإنتحار في الدول الاسكندنافية التي هي أكثر بلدان العالم جمالاً ورفاهية.
إن القيمة هي أغلى ما يمتلكه الافراد في حياتهم وهي الدافعه للبحث والعمل ومن ثم الشعور بالحب ومواصلة الحياة، فهي أشبه بشعور رقيق يبعث السعادة في نفوس البشر عند تحقيق شئ يشكل بالنسبة لهم قيمة، فاللنجاح طعم بعد الفشل، وللشفاء قيمة بعد المرض، لذا قال أحدهم تذكرت طعم الشفاء بعد المرض، فتحملت الصبر على المرض، فبالمعاناة يمتلك الفقراء أثمن الأشياء المعنوية تلك التي بحث عنها الأغنياء طويلاً، بتصرفات تبدو في نظرنا سخيفة وبنظرهم حاجة، وما ذاك إلا بحثاً عن القيمة وطلباً لها.
فقد أجريت مؤخراً دراسة في المملكة المتحدة تتعلق بالسعادة وأسبابها أظهرت أن ما نسبته 82% من الأثرياء لا يشعرون بالسعادة، فهم لا يعتقدون ان في حياتهم شيئاً مثيراً، بينما أجاب 12% فقط من الفقراء بأنهم لا يشعرون بالسعادة دائماً، ولعل القيمة المفقودة تقف وراء إقدام كثير من المشاهير والأثرياء على الإنتحار، وكما يقول ماسلوا "ان الإنسان عندما يصل لفقدان القيمة يسقط من قمة الهرم". لذا أفرحوا يا أصدقاء الفقراء وارقصوا، نحن نعاني.. إذاً نحن سعداء!!
– احمد المطيري